للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى جلب عمله الصحفي أديبًا يجيد اللغة الفرنسية إجادة تامة وخطيبًا لا يشق له غبار ومحاضرًا ساحرًا، وله محاضرات مهمة هزت الرأي العام الأوربي، وخصومته ظاهرة جدًّا للإنجليز في هذه المحاضرات١.

اضطر أو نظارة إلى تغيير اسم صحيفته ثلاث عشرة مرة بسبب الضغط الشديد الذي فرضته الحكومة المصرية على صحفه سواء قبل الاحتلال أو بعده، وقد نجح بالرغم من المراقبة في تهريب بضعة آلاف إلى مصر كما بلغت عدد النسخ المهربة مرة تسعة آلاف نسخة٢ وكانت أكثر الأسماء معرفة لدى القراء "أبو نظارة زرقاء" و"أبو زمارة" و"أبو صفارة"٣ وكان المحرر ينشر كثيرًا من المحاورات الزجلية الطريفة التي تصور حياة مصر وتحمل على خديوها وحكومته، يقسو فيها أسلوبه أحيانًا حتى يبلغ درجة الفحش الذي تتعفف عنه أكثر الأقلام إسفافًا.

وكان بجانب هذا ينشر لونًا من النقد الاجتماعي في أسلوب معظمه عامي دارج دعا به إلى الرحلة والاستفادة منها؛ "لأن الدنيا شهوها الفلاسفة بكتاب وقالوا اللي ما خرجش من وطنه كأنه ما قرأش إلا أول صفحة فقط"، ثم يعطف الكاتب على مصر ساخرًا من تواكل أمته التي يظلمها الظالم ويقسو بها الحاكم حتى إذا كادت تموت جوعًا كان احتجاجها "لك الحمد يارب دي إرادتك".

وهكذا يستمر في نقده اللاذع الصادق وتصويره الرائع لنفوسنا واستعدادها آخذًا على مواطنيه تلك الألفاظ التي لا تزال ترن في آذاننا، ألفاظ التواكل والضعف والاطمئنان حيث لا ينبغي الاطمئنان٤ ومن أهم المحاورات ما دار


١ Baignicre. P. P ٩. ١٨-٣٨-١٠٦-١٠٩
٢ النظارات المصرية ١٥ - ١ - ١٨٨٠ "الواد المرق ووزيره المشخلع".
٣ أسماؤها على التوالي: أبو نظارة زرقاء، رحلة أبو نظارة زرقاء، أو زمارة، أبو صفارة، الحاوي، الوطني المصري، النظارات المصرية، أبو النظارة، الثرثارة المصرية، التودد، المنصف، العالم الإسلامي.
٤ العدد السابع، ص٢.

<<  <   >  >>