وقف نشاط الصحافة الوطنية في مصر والخارج بوقف "مجلة جمعية ترقي الإسلام" عن الصدور، ووقف النشاط في مصر بإعلان الأحكام العرفية التي حدت من الحرية الضئيلة الباقية الصحافة المصرية، ووقف النشاط في الخارج بوفاة عميد تلك الصحافة يعقوب بن صنوع سنة ١٩١٢ بعد أربع وثلاثين سنة من كفاح متصل لا يهون ثم باحتجاب صحيفة "صوت مصر" أخيرًا في سنة ١٩١٤.
واستمر النشاط الصحفي محجورًا عليه في مصر والخارج خلال الحرب العالمية الماضية ثم قامت الحركة الوطنية في مصر سنة ١٩١٩ واستمرت الصحافة بين التضييق والتيسير، ولم يكن هناك محل لصحف مصرية تصدر في أوربا وقد بدأت حياة مصر تستقر في الداخل، لولا أن مصريًّا له تاريخ في الحزب الوطني القديم أنشأ صحيفة في جنيف بعد الحرب العظمى هو الشيخ على الغاياتي.
والشيخ الغاياتي هو صاحب كتاب "وطنيتي" ولهذا الكتاب تاريخ في الحركة الوطنية قبيل الحرب العظمى فقد كان الشيخ محررًا في "اللواء" في سنة ١٩١٠ فأخرج في يوليو من السنة المذكورة ديوانًا من الشعر أسماه "وطنيتي" احتوى تأريخ شعري لحوادث مصر خلال عامين، وكتب رئيس الحزب الوطني محمد فريد ورئيس تحرير "اللواء" الشيخ عبد العزيز جاويش مقدمة لهذا الكتاب، ولم يكن في الكتاب شيء يستحق المؤاخذة ويستدعي المقاضاة؛ لأن قصائده نشرت جميعًا في الصحف السيارة غير أن في الكتاب قصيدة عن الشيخ علي يوسف وجريدته "المؤيد" حمل الشاعر عليهما فيها حملة قاسية، فنشرت "المؤيد" بضعة أنهر عن هذا الكتاب وفيها دعوة خفية إلى النيابة بالقبض على الغاياتي ومن صدر له ديوانه١ وتحقق ما دعت إليه "المؤيد" واستجابت النيابة العامة إلى الدعاء، فصادرت الكتاب ومضت تحقق مع مؤلفه وأقامت الدعوى العمومية على محمد فريد وهو في خارج مصر وعلى الشيخ