حريصة على إعفاء موظفي الحكومة من الملاحظات التي قد توجهها إليهم هذه الجرائد فاشترطت لتحقيق هذه الرغبة أن يقر الأخبار التي تذيعها الصحف عن الحكومة وموظفيها مكتب للصحافة أنشأه سعيد في نظارة الخارجية.
وليست الأخبار وحدها المطلوب رقابتها بل إن الافتتاحيات أيضًا كانت تمر على المسئولين في مكتب الصحافة أو يقرها موظفوه مشافهة على شريطة أن يذعن المحرر للاعتراضات التي توجه إليه اجتنابًا لإذاعة الأخبار الباطلة، وكذلك فرض قانون الصحافة على الجرائد الأجنبية في مصر أن تفتح صدرها لتكذيب وتصحيح الأخبار التي تنشرها صحف أوربا أو يذيعها المغرضون عن الحكومة المصرية، وقد أخذ مكتب الصحافة على عاتقه تزويد الصحف بهذا كلما دعت الحاجة إلى تكذيب أو تصحيح.
ولكي تمكن الحكومة لسلطانها على هذه الصحف رسمت عقوبات مختلفة ستفرضها على من يخالف مواد القانون أو يستهين بها، كما عمدت إلى أن تجعل لهذا القانون أثرًا رجعيًّا فكل صاحب مطبعة أو ناشر ينبغي أن ينال ترخيصًا بفتح مطبعته أو نشر جريدته وإلا تعرض لجزاء يقضي على مطبعته ويعطل صحيفته، وألقيت كل هذه المسائل الصحفية الجديدة التي نشأت في الحياة المصرية على مكتب الصحافة الذي أنشأته حكومة الوالي في سنة ١٨٥٧.
ومع أن علاقة الحكومة بالمطبوعات أصبحت واضحة بعد هذين القانونين إلا أنه ينبغي أن نذكر أن الحكومة كالت لهذه المطبوعات بكيلين، فالأجانب كانت لهم الحظوة وكان لهم في قناصلهم حصانة حالت في كثير من الأحيان دون تنفيذ القانون أو رقابة الدولة كما نص التشريع، فقد فتح السيد محمد هاشم من رعايا أمير المغرب مطبعة حروف دون استئذان الحكومة فاستفسرت الضبطية المصرية من الوالي عما يجب أن تصنعه فكان رد سعيد كافيًا ليظهر لنا مدى تحمس الدولة لتنفيذ أوامرها، يذكر والي مصر للضبطية أن "محمد هاشم من طرف أمير المغرب، وأنه إذا كان قد فتح مطبعة حروف دون إذن الحكومة وموافقتها فإن له امتياز الصلة بالسيد عبد القادر الأمير المذكور فيا مبارك