وهي لا تذكر ذلك اعتباطًا أو لمجرد الذكرى في عددها السادس من المجلد الأول في سنتها الثانية بل تعلق قائلة:"وإذا قدر الله بغزو هذه الديار مرة أخرى فليتذكر ضباط الجيش المصري غزوة سنة ١٨٠٧، وليكن كل ضابط مصممًا على المدافعة والذود عن وطنه ولا يرتكب العار في التسليم كما ارتكبه أمين أغا، بل يدافع بنفسه وبعساكره عن كل نقطة يتجه الهجوم إليها، كما فعل على بك السلانكلي الذي اكتسب الفخر والشرف ومنع العدو وصده عن الوطن".
وكانت الصحف الرسمية عمومًا مدرسة لصحفيي مصر فيما بعد، فمن تلاميذها كما ذكرنا رفاعة الطهطاوي، وهذا له مدرسته التي ضربت بسهم صائب في الصحافة الشعبية كعثمان جلال في نزهة الأفكار وأبي السعود أفندي في وادي النيل وولده أنسي في روضة الأخبار وصالح مجدي وعبد الكريم سليمان وأحمد عبد الرحيم في الوقائع والشيخ محمد عبده في العروة الوثقى.
والصحف الرسمية مهما يكن عدد قرائها قليلًا لها أثر عميق في مقومات النهضة العلمية الحديثة، فقد عودنا العهد القديم أن يكون الأزهر وحدهم رجال العلم القارئين له الكاتبين فيه، ولكن الصحافة الرسمية أشركت معهم بل قدمت عليهم فئة أخرى غير رجال الدين من التلاميذ والموظفين والضباط والمعلمين، فلم تعد القراءة أو الإنشاء وقفًا على الأزهريين أو احتكارًا لهم، كما نزعت المطبعة في أوربا احتكار الكنيسة للعلم والمعرفة، وتولت الصحف الرسمية في كثير من المواقف الدفاع عن الحكومة وشرح سياستها وتعداد أفضالها ومآثرها، ودحض ما يراه الأجانب من السوء في تصرفاتها كما حدث يوم تولى الطهطاوي تحرير الوقائع واشتدت المشاكل على مصر قبيل معاهدة لندن وبعدها، وأعادة الصحيفة الرسمية سيرتها في أوائل عهد إسماعيل، بل جعلت سياستها، ليس مجرد الدفاع عن الحكومة، بل مهاجمة خصومها في صحافتهم المنشورة في مصر أو الذائعة في أوربا.