للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومنذ صدرت مجلة السلطنة في سنة ١٨٥٧ لم تشهد مصر صحيفة أخرى مماثلة إلا بعد عشر سنوات من ذلك التاريخ، فقد رأينا الوالي الجديد يهتم بالصحف الرسمية اهتمامه المأثور، ثم يهتم بالصحف في خارج مصر، وخاصة في باريس والأستانة، فيدفع لها من ماله، ويبسط لها يده كل البسط١؛ ذلك لأن إسماعيل وُوجِهَ في أول حكمه باتفاقية القناة التي عقدها سلفه فأراد تعديلها، وقام وزيره نوبار بحملة موفقة في فرنسا وفي صحفها ضد الاتفاقية، انتهت بتعديل كثير من الشروط المجحفة٢.

ثم كانت له حاجات عند السلطان في وراثة العرش فَرَشا رجال دولته وصحفيي الأستانة، فرنجة وأتراكًا٣ وأخذ بره هذا بالصحف والصحفيين ينتقل من باريس إلى عاصمة الدولة ثم مر ببلاد الشرق الأدنى، وأخيرًا وضح أثره في صحافته الرسمية على الصورة التي شرحناها في فصل سابق.

تولى إسماعيل حكم مصر والناس يرون شئونهم العامة والخاصة ملكًا لحاكمهم أو من يوليه أمورهم، وكان شقاؤهم أو سعادتهم موكلين إلى عدله أو ظلمه وليس لأحد منهم رأي بيديه أو إرادة يتقدم بها لعلم ما، وكانوا بعيدين عن معرفة حال الأمم الأخرى سواء كانت إسلامية أو أوربية، ومع كثرة بعوث محمد علي لم يشعر الأهالي بشيء من ثمرات الأسفار والبعوث العلمية.

ومع أن هذا الرأي صحيح من حيث انطباقه على صدر حكم الخديوي فإن إسماعيل أسس لهم مع ذلك مجلسًا تشريعيًّا في سنة ١٨٦٦ هو مجلس شورى النواب الذي شغل إنشاؤه الصحف الأجنبية٤ وكان من حق هذا المجلس أن يعلم حالة المصريين وأن يقرر فيها القرارات وهي في الواقع لا ترفع إلى


١ محفوظات عابدين Doss. ٤٤- ١
٢ راجع محفوظات عابدين في الوثائق الفرنجية والتركية والعربية وهي أكثر من أن تعد.
٣ كرابيتس: إسماعيل المفترى عليه، ترجمة صروف، ص٥٣.
٤ Douin. His. du Regime du Khed. Ismail. T. ١p. ٥٩٧

<<  <   >  >>