تعتمد العولمة على نوع من الوثنية المعاصرة، فهي تدعو إلى نوع من التعامل على أساس المصلحة (الاقتصادية والسياسية والعلمية) ، وعدم إيلاء القيم الخلقية والدينية أي اهتمام، لأن هذه القيم في اعتقادها تعيق التواصل الكوني كما تراه، كما تعيق تسويق مشروعها " الحضاري " ذلك أنها تسعى إلى هيمنة حضارية، أو إلى بناء حضارة واحدة يتبعها الجميع، وقد استقام لها ذلك عقب سقوط القطب الآخر الذي كان بمثابة الكابح لهذا الحمق. لذا فهي تعتمد إستراتيجية الإقصاء والإلغاء والتهميش، تلك الإستراتيجية التي انتقلت إليها من المركزية الغربية التي تنهج سياسة المركز في مواجهة الأطراف، والأغرب (ولعله لا غرابة في الأمر) . أن يصرح الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون قائلا:" إن أمريكا تؤمن بأن قيمها صالحة لكل الجنس البشري، وإننا نستشعر أن علينا التزاما مقدسا لتحويل العالم إلى صورتنا ". (١) ولعل أهم سلاح تستعمله للتغلب على قيم الأطراف هو إستراتيجية الاتهام بالإرهاب أولا، والمروق الدولي ثانيا، فكل منظومة سياسية أو ثقافية أو دينية تعد في مشروع العولمة إرهابا إلا إذا تمت إزالتها والتخلي عنها في المؤسسات السياسية