موقعه الأدنى على هامش الحضارة الحديثة، المتحسّر على ماضيه التليد، والتّائق إلى العودة إلى قلب الفاعلية الحضارية.
إن أحد أهداف هذه السّلسة من كتب الرحلات العربية إلى العالم، هو الكشف عن طبيعة الوعي بالآخر الذي تشكّل عن طريق الرحلة، والأفكار التي تسرّبت عبر سطور الرّحالة، والانتباهات التي ميّزت نظرتهم إلى الدول والناس والأفكار. فأدب الرحلة، على هذا الصعيد، يشكّل ثروة معرفيّة كبيرة، ومخزنا للقصص والظواهر والأفكار، فضلا عن كونه مادة سرديّة مشوّقة تحتوي على الطريف والغريب والمدهش مما التقطته عيون تتجوّل وأنفس تنفعل بما ترى، ووعي يلمّ بالأشياء ويحلّلها ويراقب الظواهر ويتفكّر بها.
أخيرا، لا بد من الإشارة إلى أن هذه السّلسلة التي قد تبلغ المائة كتاب من شأنها أن تؤسس، وللمرة الأولى، لمكتبة عربية مستقلّة مؤلّفة من نصوص ثريّة تكشف عن همّة العربيّ في ارتياد الآفاق، واستعداده للمغامرة من باب نيل المعرفة مقرونة بالمتعة، وهي إلى هذا وذاك تغطي المعمور في أربع جهات الأرض وفي قارّاته الخمس، وتجمع إلى نشدان معرفة الآخر وعالمه، البحث عن مكونات الذات الحضارية للعرب والمسلمين من خلال تلك الرحلات التي قام بها الأدباء والمفكرون والمتصوفة والحجاج والعلماء، وغيرهم من الرّحالة العرب في أرجاء ديارهم العربية والإسلامية.