بيننا من قبائل الكفّار؟ قلت: بلى. قال: قل له فو الله إنّي لبمكاني البعيد الذي تراني فيه وإنّي لخائف من مولاي أمير المؤمنين، وذلك أنّي أخاف أن يبلغه عني شيء يكرهه، فيدعو عليّ فأهلك بمكاني وهو في مملكته وبيني وبينه البلدان الشاسعة، وأنتم تأكلون خبزه وتلبسون ثيابه وترونه في كلّ وقت خنتموه في مقدار رسالة بعثكم بها إليّ، إلى قوم ضعفى، وخنتم المسلمين، لا أقبل منكم أمر ديني حتى يجيئني من ينصح لي فيما يقول فإذا جاءني إنسان بهذه الصورة قبلت منه.
فألجمنا «٢٤٨» وما أحرنا جوابا وانصرفنا من عنده.
قال ٢٤»
:
فكان بعد هذا القول يؤثرني ويقرّبني ويباعد أصحابي، ويسمّيني أبا بكر الصديق.
ورأيت في بلده من العجائب ما لا أحصيها كثرة، من ذلك: أنّ أوّل ليلة بتناها في بلده، رأيت قبل مغيب الشّمس بساعة قياسية «٢٥٠» أفق السماء، وقد احمرّت احمرارا شديدا، وسمعت في الجو أصواتا شديدة وهمهمة «٢٥١» عالية، فرفعت رأسي، فإذا غيم أحمر مثل النّار قريب مني، وإذا تلك الهمهمة والأصوات منه، وإذا فيه أمثال النّاس والدّوابّ، وإذا في أيدي الأشباح التي فيه تشبه النّاس رماح وسيوف أتبيّنها وأتخيّلها، وإذا قطعة أخرى مثلها أرى فيها أيضا رجالا ودواب وسلاحا، فأقبلت هذه القطعة تحمل على هذه كما تحمل الكتيبة «٢٥٢» على الكتيبة، ففرعنا من ذلك، وأقبلنا على التضرّع والدعاء، وهم يضحكون منا ويتعجّبون من فعلنا.
قال: وكنّا ننظر إلى القطعة تحمل على القطعة، فتختلطان جميعا ساعة ثم تفترقان، فما زال الأمر كذلك ساعة من اللّيل ثمّ غابتا، فسألنا الملك عن ذلك فزعم