كذلك، إلا أنّا قد اجتهدنا. فقال للتّرجمان: قل له أنا لا أعرف هؤلاء إنّما أعرفك أنت، وذلك أنّ هؤلاء قوم عجم ولو علم الأستاذ «٢٤٢» - أيّده الله- أنّهم يبلغون ما تبلغ ما بعث بك حتّى تحفظ عليّ وتقرأ كتابي وتسمع جوابي ولست أطالب غيرك بدرهم، فاخرج من المال «٢٤٣» فهو أصلح لك. فانصرفت من بين يديه مذعورا مغموما، وكان رجلا له منظر وهيبة، بدين، عريض كأنّما يتكلّم من خابية «٢٤٤» . فخرجت من عنده، وجمعت أصحابي، وعرّفتهم ما جرى بيني وبينه، وقلت لهم: من هذا حذّرت.
وكان مؤذنه يثني الإقامة «٢٤٥» إذا أذّن فقلت له: إن مولاك أمير المؤمنين يفرد في داره الإقامة. فقال للمؤذن: اقبل ما يقوله لك ولا تخالفه. فأقام المؤذّن على ذلك أياما، وهو يسألني عن المال ويناظرني فيه، وأنا أويسه «٢٤٦» منه، وأحتجّ فيه. فلما يئس منه تقدّم إلى المؤذّن أن يثني الإقامة، ففعل. وأراد بذلك أن يجعله طريقا إلى مناظرتي «٢٤٧» . فلما سمعت تثنيته للإقامة، نهيته وصحت عليه. فعرف الملك فأحضرني وأحضر أصحابي فلمّا اجتمعنا قال التّرجمان: قل له (يعنيني..) ما يقول في مؤذّنين أفرد أحدهما وثنّى الآخر، ثم صلّى كلّ واحد منهما بقوم أتجوز الصلاة أم لا؟ قلت: الصلاة جائزة فقال: باختلاف أم بإجماع قلت: بإجماع قال: قل له فما يقول في رجل دفع إلى قوم مالا لأقوام ضعفى محاصرين مستعبدين فخانوه؟ فقلت:
هذا لا يجوز وهؤلاء قوم سوء. قال: باختلاف أم بإجماع؟ قلت: بإجماع. فقال للتّرجمان: قل له: تعلم أنّ الخليفة- أطال الله بقاءه- لو بعث إليّ جيشا كان يقدر عليّ؟ قلت: لا. قال: فأمير خراسان؟ قلت: لا. قال: أليس لبعد المسافة وكثرة من