ويجعلون الطّعام فيها، فليس يمضي عليه إلا أيام يسيرة حتى يتغيّر ويريح «٢٦٩» ، فلا ينتفع به، وليس لهم زيت ولا شيرج «٢٧٠» ولا دهن بتة وإنّما يقيمون مقام هذه الأدهان دهن السّمك، فكلّ شيء يستعملونه فيه يكون زفرا، ويعملون من الشعير حساء يحسونه الجواري والغلمان وربّما طبخوا الشعير باللّحم، فأكل الموالي اللّحم، وأطعموا الجواري الشعير، إلا أن يكون رأس تيس «٢٧١» فيطعم من اللّحم.
وكلّهم يلبسون القلانس «٢٧٢» ، فإذا ركب الملك ركب وحده بغير غلام ولا أحد يكون معه، فإذا اجتاز في السوق لم يبق أحد إلا قام وأخذ قلنسوته عن رأسه فجعلها تحت إبطه، فإذا جاوزهم ردّوا قلانسهم إلى رؤوسهم، وكذلك كلّ من يدخل إلى الملك من صغير وكبير حتّى أولاده وإخوته ساعة ينظرون إليه قد أخذوا قلانسهم فجعلوها تحت آباطهم ثم أوموا إليه برءوسهم وجلسوا، ثم قاموا حتى يأمرهم بالجلوس وكلّ من يجلس بين يديه فإنّما يجلس باركا ولا يخرج قلنسوته ولا يظهرها حتى يخرج من بين يديه فيلبسها عند ذلك.
وكلّهم في قباب إلا أنّ قبّة الملك كبيرة جدا تسع ألف نفس وأكثر مفروشة بالفرش الأرمني «٢٧٣» وله في وسطها سرير مغشّى بالديباج الرومي.
ومن رسومهم أنّه إذا ولد لابن الرجل مولود، أخذه جدّه دون أبيه وقال: أنا أحقّ به من أبيه في حضنه حتّى يصير رجلا. وإذا مات منهم الرجل ورثه أخوه دون ولده.
فعرّفت الملك أنّ هذا غير جائز وعرّفته كيف المواريث حتى فهمها.