وقرأ بعض بنى العبّاس على أحدهما إنّى قد بنيتهما فمن كان يدّعى قوّة فى ملكه فليهدمهما فالهدم أيسر من البناء فهمّ بذلك وأظنّه المأمون أو المعتصم فإذا خراج مصر لا يقوم به يومئذ وكان خراجها على عهده بالإنصاف فى الجباية وتوخّى الرفق بالرعيّة والمعدلة إذا بلغ النيل سبع عشرة ذراعا وعشر أصابع أربعة آلف ألف دينار ومائتى ألف وسبعة وخمسين «٦» ألف دينار والمقبوض على الفدّان دينارين بعين «٧» ايين فأعرض عن ذلك ولم يعد فيه شيئا، (٤)«٨» ولمصر عادة وسنّة لم تزل مذ عهد فراعنتها فى استخراج خراجها وجباية أموالها واجتلاب قوانينها وذلك أنّه لا يستتمّ استيفاء الخراج من أهلها إلّا عند تمام الماء وافتراشه على سائر أرضها وتطبيقها ويقع إتمامه فى شهر توت، فإذا كان ذلك وربّما كانت زيادة على ذلك أطلق الماء فى جميع نواحيها من ترعها ثمّ لا يزال يترجّح فى الزيادة والنقصان الى حين طلوع الفجر بالسماك وهو لثمان تخلو من شهر بابه فإذا انحسر الماء وقعت باكورة البذور بالأقراط «١٤» والكتّان والحبوب والقرط «١٥» الرطبة، وببابه يتكامل رىّ «١٦» الأرض عند ثمان تخلو منه وقد لا يستتمّ الماء فيه فيعجز بعض الأرض عن أن يركبها الماء فيرزح الخراج عن الكمال، وبهاتور يبتدأ فى الحرث ويحصد الأرزّ ويكون الزرع البذرىّ فى أكثر نواحيهم وضياعهم، وبكيهك يزرع فيه [٤١ ظ] من أوّله الى آخره الزروع المتأخّرة ولا يزرع بعده فى شىء من أرض مصر غير السمسم والمقاثى والعطب، وبطوبه يطالب الناس بافتتاح الخراج ومحاسبة المتقبّلين على