(١٥) وكانت المصيّصة مدينتين إحداهما «١» تسمّى المصّيصة والأخرى كفربيا على جانبى جيحان وبينهما قنطرة حجارة وكانتا حصينتين على نشز من الأرض وشرف ينظر منها الجالس فى مسجد جامعها الى نحو البحر أربعة فراسخ كالبقعة «٤» كانت بين يديه خضرة نضرة جليلة الأهل نفيسة القدر كثيرة الأسواق حسنة الأحوال، وجيحان نهر يخرج من بلد الروم حتّى ينتهى الى المصّيصة ثمّ الى رستاق يعرف بالملوان فيقع فى بحر الروم وكانت عليه من القرى والضياع الكثيرة الماشية والكراع ما لم يبق منهم نافخ نار، وكانت اذنه أيضا مدينة كأحد جانبى المصّيصة على نهر سيحان فى غربىّ النهر وسيحان دون جيهان فى الكبر عليه قنطرة [٥٤ ب] عجيبة البناء طويلة جدّا ويخرج هذا النهر من بلد الروم أيضا وكانت جليلة الأهل حسنة المحلّ فى كلّ أصل وفصل وعلى سمت طريق طرسوس، فأمّا مدينة طرسوس فكانت المدينة المشهورة المستغنى بشهرتها عن تحديدها كبيرة استحدثها المأمون بن الرشيد ومدّنها وجعل عليها سورين من حجارة وكانت تشتمل من الخيل والرجال والعدّة والعتاد والكراع والسلاح والعمارة والخصب والغلّات والأموال والسعة فى جميع الأحوال على حال لم يتّصل بمثله ثغر من ثغور المسلمين لكافر ولا مسلم الى عزّ تامّ ونصر عامّ على جميع من وليها من رجال الإسلام فما غزا «١٧» فى برّ أو بحر إلّا وصحبه من الظفر والنصر والغنائم بالقسر والقهر ما ينطق الأخبار بتصديقه والآثار بتحقيقه «١٨» وكان بينها «١٩» وبين حدّ الروم [جبال] منيعة متشعّبة من اللكام كالحاجز بين العملين، ورأيت غير عاقل مميّز وسيّد حصيف مبرّز يشار اليه بالدراية والفهم واليقظة والعلم والفطنة والسياسة والرياسة يذكر أنّه كان بها مائة ألف فارس وبعملها وذلك عن قريب عهد من الأيّام [التى]«٢٢»