أدركتها وشاهدتها وكان السبب فى ذلك أن ليس مدينة عظيمة من حدّ سجستان وكرمان وفارس وخوزستان والرىّ واصبهان وجميع الجبال وطبرستان والجزيرة واذربيجان والعراق والحجاز واليمن والشأمات «٣» ومصر والمغرب إلّا وبها لأهلها دار ورباط ينزله غزاة تلك البلدة ويرابطون بها إذا وردوها وترد عليها الجرايات والصلات وتدرّ عليهم الأنزال والحملان العظيمة الجسيمة الى ما كان السلاطين يتكلّفونه وأرباب النعم يعانونه وينفذونه متطوّعين ويتحاضّون عليه متبرّعين ولم يكن فى ناحية ذكرتها رئيس ولا نفيس إلّا وله عليها أوقاف من ضياع ذوات أكرة وزرّاع وغلّات أو مسقّف من فنادق ودور وحمّامات وخانات هذا الى مشاطرة من الوصايا بالعين الكثير والورق والكراع الغزير فهلكت وهلكوا وذهبت وذهبوا وكأنّهم لم يقطنوها وعفوا وكأنّهم لم يسكنوها حتّى لصاروا كما قال جلّ ذكره هل تحسّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا «١٢» ، وكانت اولاس حصنا على ساحل البحر فيه قوم متعبّدون حصينا وكانت فيهم خشونة فى ذات الله وكان فى آخر ما على بحر الروم من العمارة فكانت ممّا بدأ به العدوّ، وبغراس حصن كان فيه منبر على طريق الثغور وكانت فيه دار ضيافة لزبيدة ولم يكن للمسلمين بالشأم دار ضيافة غيرها، (١٦) وأمّا البحيرة الميّتة فهى من الغور فى صدر الشأم بقرب زغر وإنّما تسمّى الميّتة لأنّه لا شىء فيها من الحيوان إلّا شىء تقذف «١٨» به يعرف بالحمريّة «١٩» وأهل زغر بناحية يلقحون كرومهم وكروم فلسطين كما تلقح النخل بالطلع الذكر وكما يلقح أهل المغرب تينهم بذكارهم، وزغر مدينة حارّة جروميّة متّصلة بالبادية صالحة الخيرات وبها من عمل النيل والتجارة به وفيه ما لا يقصر عمّا بكابل من صنّاعه وعمّاله غير أنّه يقصر عن