من جزيرة الاندلس وبعض بحر المغرب وجنوبيّهم بقيّة بحر المغرب وبعض ساحل الشأم ومصر، (٨) والمدن النفيسة قليلة فى مملكتهم وبلادهم مع سعة رقعتها واتّصال أيّامها وحالها وذلك أنّ جلّها جبال وقلاع وحصون ومطامير وقرى فى الجبال منحوتة وتحت الأرض منقوبة، وقد استولى الخليج الآخذ من القسطنطينيّة «٦» الى اطرابزنده على أكثرها وليس هناك مدينة مشهورة إلّا ما وصفته وحددته، ومياههم كثيرة غزيرة وليس تمرّ على وجه الأرض مرّا مستقيما وإنّما تتغلغل بين الجبال على غير قصد ولا استقامة سير وقد صوّرت غير نهر من أنهارهم فيما دون الخليج الى نواحى الثغور وليس جريها على ما وصفته فى الصورة وشكّلته لكنّى تحرّيت أصل مخرجه الى حيث مصبّه فشكلته على ذلك، وبلد الروم عند كثير من خاصّة أهل الإسلام ومؤلّفى الكتب بخلاف ما هو عليه بالحقيقة من صغر المحلّ وتفه الخطر ونزور الدخل وضعة الرجال وعزّة الأموال وخسيس الأعمال والأحوال «١٣» وهو عند من عنده وقبله أدنى ميزة «١٤» ومعرفة وبحث عن حقائق الأمور واهتمّ بمعارف أقطار الأرض والممالك وسكّانها والجبايات فيها لا يقارب أسباب المغرب وحدّه ولا يدانيه ولا يشاكله «١٦» فى وجه من الوجوه لأنّى قد ذكرت من قبائل البربر المتبدّدين فى صحارى المغرب ما يستولى على ضعف عدد من تحوزه نواحى الروم وما عندهم من القوّة والجلد ومحلّهم فى البأس والشدّة فإنّهم بحيث إذا دخل لهم جيش من المغرب الى بلد الروم أباده وأباره وأهلكه وأتى عليه وتتسرّب العدّة اليسيرة فى أقطاره فتنشفها حتّى أنّ لأهل المغرب على أهل قلوريه فى كلّ سنة جزية آلاف دنانير كثيرة تقبض منهم، وكانت ضعفها فأسقط النصف عنهم عبيد الله صاحب المغرب