للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكتة نفيسة نافعة ومن فوائدها القول بأن ما انفرد به البخاري ومسلم يتدرج في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما انتهى.

وقال إمام الحرمين لو حلف إنسان بطلاق امرأته بأن ما في كتاب البخاري ومسلم مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم: لما ألزمته الطلاق ولا حنثته لإجماع المسلمين على صحتهما قال النووي لقائل أن يقول إنه لا يحنث ولو لم يجمع المسلون على صحتهما للشك في الحنث فإنه لو حلف على ذلك في حديث ليس هذه صفته لم يخنث وإن كان رواية فاسقا فعدم الحنث حاصل قبل الإجماع فلا يضاف إلى الإجماع قال والجواب أن المضاف إلى الإجماع هو القطع بعدك الحنث ظاهرا وباطنا وأما عند الشك فعدم الحنث حاصل محكوم به ظاهرا مع احتمال وجوده باطنا فعلى هذا يحمل كلام إمام الحرمين فهو اللائق بتحقيقه. انتهى.

وأقول: في هذا الكلام بحثان:

الأول: أنه مبني على دعوى تلقي كل الأمة للكتابين بالقبول وقد قدمنا أن هذه دعوى على الأمة كلها وهي غير صحيحة كما أوضحناه في ثمرات النظر وغيرها وقد أقر ابن الصلاح بعدم تمامها فإنه قال إن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه ولا يخفى أن مسمى الأمة ودليل العصمة شامل لكل مجتهد والقول بأنه لا يعتد بمجتهد وإخراجه عن مسمى الأمة لا يقبله ذو تحقيق وإلا لادعى من شاء ما شاء بغير دليل وقد قدمنا سؤال الاستفسار عن هذا التلقي هل هو لأصل الكتابين من حيث الجملة أو لكل فرد فرد من أحاديثهما الأول مراد لا يفيد المطلوب الثاني: هو المراد ولا يتم فيه الدعوى كما أشرنا إليه سابقا وقررناه في ثمرات النظر وفي غيرها.

البحث الثاني: بعد تسليم الدعوى الأولى أن التحقيق أن الأمة معصومة عن الضلالة وعليها دلت الأدلة كما حققناه في حواشينا على شرح الغاية المسماة بالدراية وقد أشرنا إليه سابقا والخطأ ليس بضلالة وتأتي زيادة في هذا.

"وقد سبقه" أي ابن الصلاح "إلى نحو ذلك محمد بن طاهر المقدسي وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف واختاره ابن كثير وحكى في علوم الحديث١


١ ص ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>