للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أن ابن تيمية١ حكى ذلك عن أهل الحديث وعن السلف وعن جماعات كثيرة من الشافعية والحنابلة والأشاعرة والحنفية وغيرهم والله أعلم".

رأيت في بعض رسائل ابن تيمية ما لفظه ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم علماء الحديث علما قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم: قاله تارة بتواتره عندهم وتارة لتلقي الأمة له بالقبول وخير الواحد المتلقي بالقبول يفيد العلم عند جمهور العلماء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وهو قول أكثر أصحاب الأشعري كالأسفرائيني وابن فوزك فإنه وإن كان في نفسه لا يفيد إلا الظن لكنه لما اقترن به إجماع علماء أهل الحديث على تلقيه بالتصديق كان بمنزلة إجماع أهل العلم بالصحة على حكم مستندين في ذلك إلى ظاهر أو قياس أو خبر واحد فإن ذلك الحكم يصير قطعيا عند الجمهور وإن كان بدون الإجماع ليس بقطعي انتهى.

وفيه أنه حكم على أكثر متون الصحيحين وأن ذلك إجماع أئمة الحديث وهذا حسن ولكنه ليس بالإجماع الذي ادعاه ابن الصلاح فإن أراد ابن كثير هذا الكلام الذي لابن تيمية فلا يخفى أنه لا يحسن ضمه إلى ابن الصلاح ومن سبقه لأن أولئك ادعوا الإجماع من الأمة على التلقي وابن تيمية يقول إنه تلقاه علماء الحديث أي تلقوا أكثر متونهما بالقبول وإنه بمنزلة الإجماع وإن علماء الحديث هم يعلمون علما قطعيا أنه صلى الله عليه وسلم قال ما في الصحيحين مما نسب إليه وهذا قول عدل إلا أن الدليل عليه كونه بمنزلة الإجماع ولا يخفى أن الدليل إنما هو الإجماع لا ما هو بمنزلة لأنه ليس إجماعا ضرورة واتفاقا إذ الدليل هو الإجماع كما في علم الأصول لا ما هو بمنزلتة.

ثم رأيت الحافظ ابن حجر ابن تيمية إلا أنه بأبسط من هذه العبارة وضمه إلى من ضمه ابن كثير وقوله غير قول من ضموه إليهم ولا بد من حمل كلامهم على كلامه لأن من يعتبر تلقيه بالقبول إنما هو من يعرف الفن ويميز بين صحيحه وسقيمه ويعرف رجاله وذلك خاص بأهل الحديث وأئمة هذا الشأن وهم الذين تروج دعوى


١ ابن تيمية هو شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني عني بالحديث وخرج وانتقى وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه مات سنة ٧٢٨. له ترجمة في شذرات الذهب ٦/٨٠. وانجوم الزاهرة ٩/٢٧١. والبداية والنهاية ١٤/١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>