للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما كونها ظنية فلأنه ذمهم باستحلال مجموع أشياء بعضها" أي استحلال بعضها "كفر وهو استحلال الخمر" أي عده حلالا لأنه رد لما علم من ضرورة الدين فالكفر من هذه الجهة "والذم بمجموع أمور لا يستلزم القطع على تحريم كل واحد منها لجواز أن يذم الكافر الفاسق بأفعال بعضها مكروه مثاله قوله: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} إلى قوله: {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} " يريدوا الحض على طعام المسكين ليس بواجب ولك أن تقول إنه يجب ويراد به إطعامه لسد رمقه ويؤيده قوله ذلك وهم في دركات جهنم وقد قيل لهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} ويحتمل أن قوله تعالى: {وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} لا يحض نفسه إلى إطعامه فيكون مثل: {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} .

"ويقوي هذا أنه جعل استحلال الخز" بالخاء المعجمة والزاي وهذه اللفظة قد اختلف في ضبطها ففي تيسير الوصول أنها بالحاء المهملة والراء وهو الأوفق لعطف الحرير لما يأتي "من جملة صفات أولئك المذمومين مع أن جماعة من جملة الصحابة والتابعين قد لبسوه واستحلوه" فإن لبس الجملة من فريقي السلف للخز يدل على أنه لا نهي عنه ولا يتعلق به الذم الأولى بجلالة شأنهم وبعدهم عن المكروهات فلبسهم إياه دليل على لفظ الحديث عندهم الحر بالحاء المهملة والراء والمراد به استحلال الزنا وهذا أولى مما يفهمه كلام المصنف من أنه بالخاء المعجمة والزاي لأنه لا ريب في كراهة لبسه لهذا النهي وإن لك يكن محرما "فيحتمل أن يكون وصفه" أي النبي صلى الله عليه وآله وصل "لهم" أي القوم المذكورين في حديث هشام بن عمار "بذلك" أي بلبسهم الخز واستحلالهم المعازف "تمييزا لهم عن غيرهم" لا لأجل أن لوصفهم بذلك دخلا لهم في الخسف بهم والعقوبة لهم "كما وصف" صلى الله عليه وسلم "الخوارج حين ذمهم بحلق الرؤوس وصغر الأسنان وخفة الأحلام" ولفظ الحديث عند الشيخين١ من حديث علي رضي الله عنهم: "سيخرج أقوام في آخر الزمان حداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون ٢ من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم


١ البخاري ٩/٢١. ومسلم في: الزكاة حديث ١٥٤.
٢ "يمرقون من الدين" الخ أي يجوزونه ويخرقونه ويتعدونه كما يخرق السهم الشيء المرمي به ويخرج منه. النهاية ٤/٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>