للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة", وكون ذو الثدية بضم المثلثة فدال مصغر ثدي "منهم ونحو ذلك والله أعلم".

وقد بين كيفية الثدية في حديث بلفظ: "آيتهم رجل أسود في إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر" ١ وفي رواية: "إن فيهم رجلا له عضد ليس ذراع على عضديه مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض" ٢.

إذا عرفت هذا فمراد المصنف أن خفة الأحلام وحداثة الأسنان وحلق الرؤوس ليست من موجبات الأمر بقتلهم فما ذكرت تمييزا لهم عن غيرهم وليس فيه دلالة عن تحريم تلك الأمور فكذلك استحلال المعازف والخز ليس من أسباب المسخ بأولئك القوم فلا يدل الحديث على تحريم المعازف.

وأقول لا يخفي أنه أولا ليس في صفات الخوارج المذكورة هنا ضم شيء محرم من صفاتهم إلى مكروه أو مباح بل جميع ما ذكر من صفاتهم مباحة بضم بعضها إلى بعض للتمييز وثانيا أنه احتج في حديث الخوارج إلى ذكر ما يميزهم من الصفات لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتالهم فاحتيج إلى ذكر ما يميزهم من الصفات ليقدم على قتالهم على بصيرة لأنهم مسلمون محقونة دماؤهم في الظاهر بخلاف الذين يمسخون قردة فإنه لا حاجة إلى وصف لهم مميز إذ لسنا مأمورين فيهم بشيء والأصل فيما ذكر من الأوصاف ورتب عليه الحكم وهو المسخ هنا كل صفة لها دخل في إثبات الحكم إما بالاستقلال أو بالجزئية ولا يخرج عن هذا ويصير للتمييز إلا بقرينة كما ذكرناه في الخوارج.

واعلم إن المصنف جزم بأن الرواية بالخاء المعجمة والزاي لا غير وفي النهاية في حديث أشراط الساعة يستحل الحر والحرير هكذا ذكره أبو موسى بالحاء والراء وقال الحر بتخفيف الراء الفرج ثم قال بان الأثير والمشهور في هذا الحديث على اختلاف طرقه يستحلون الخز بالخاء المعجمة والزاي وهو ضرب ثياب الإبريسم معروف وكذا جاء في كتاب البخاري وأبي داود ولعله حديث آخر كما ذكره أبو موسى فهو الحافظ عارف بما روي وشرح ولا يتهم.


١ البخاري في: المناقب: ب ٢٥. ومسلم في: الزكاة حديث ١٤٨. واحمد ٣/٥٦, ٦٥.
٢ مسلم في: الزكاة: حديث ١٥٦, وأحمد ١/٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>