للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ولا يخفى أن عطف الحرير عليه يناسب أن يكون المهملة والراء لأن الحرير قد دخل فيه الخز بأحد معنييه وبالمعنى الآخر ليس منهيا عنه.

"قال ابن الأثير في النهاية الخز المعروف أولا ثياب ينسج من صوف وإبريسم وهي مباحة وقد لبسها الصحابة والتابعون فيكون النهي عنها لأجل التشبيه بالعجم وزي المترفين وغن أريد بالخز النوع الآخر المعروف الآن فهو حرام لأن جميعه معمول من الإبريسم وعليه يحمل الحديث قلت: في هذا الحمل إشكال فإن الحديث إنما يحمل على ما كان يسمى خزا في زمانه صلى الله عليه وسلم في عرف المخاطبين وأما الذي ذكره فهو داخل في تحريم الحرير وقد فرق في هذا الحديث بين الخز والحرير وعطف أحدهما على الآخر فدل على التغاير" هذا الكلام صحيح لو تعين في الرواية بالخاء المعجمة لكن الرواية من حيث الدراية قد ترددت بين اللفظين فإن كان ابن الأثير رجح رواية المعجمة من حيث الرواية فهو معارض بترجيح رواية المهملة من حيث الدراية إذ ضم المحرمات في قرن وجمعها في حكم هو الأوفق ببلاغته صلى الله عليه وسلم ولأن الخز المخلوط بالإبريسم غير محرم ولأن الأصل فيما ترتب عليه حكم هو ما عرفناك من أنه السبب أو جزؤه.

"فهذا مما يدل على أن دلالة الحديث" على تحريم الملاهي "ظنية" والظني للمجتهد فيه نظرة هذا من حيث الدلالة "وأما أنها معارضة فلأنه صلى الله عليه وسلم سمع زمارة الراعي" بكسر الزاي وتخفيف الميم ككتابة اسم لفعل من الزامر يقال زمر يزمر بضم الميم وكسرها زمرا وزمر بتشديد الميم ترميزا غنى في القصب وفعلها زمارة ككتابة أفادة في القاموس "ولم يكسرها ولا بين له تحريمها" بل سد أذنيه عن سماعها "وحديثهما صحيح على الأصح" قد قال إن هذه واقعة عين قرر عليها الراعي فلا يدري على أي وجه وقع فلا تعارض ما ورد من أدلة كثيرة يفيد مجموعها التحريم.

وأما قوله: "وأباح الضرب بالدف في العرس والعيد وعند قدوم الغائب ولم يأمر بكسره" فقد يقال هذه رخصة رخص فيها الأحوال لا غير فيقتصر عليها "ولا شك في كراهة ذلك في غير العرس ونحوه" مما ذكره "وإنما الكلام في صريح التحريم" الأحسن في قطعية التحريم إذ هو محل نزاعه فيما سلف "والكف عن النكير

<<  <  ج: ص:  >  >>