للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاف بأهل الحديث لأن بعض متأخري المعتزلة يشترط العدد في الرواية كالشهادة إلى آخره فأفادت عبارته أنه أشار ابن الصلاح إلى من يقول أنه يشترط في الرواية عدد الشهادة وهو الاثنان وهذا العدد ذكره أبو منصور عن الجاحظ١.

[وعبارة المصنف بقوله العدد مجملة في قدر العدد فلذا نقلنا لفظ الزين] .

وأنه يشترط في الرواية الاثنين عن الاثنين والمصنف قال "قلت: بل مذهب البغدادية من المعتزلة اشتراط التواتر" وهو نقل جماعة عن جماعة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب مع استواء الوسط٢ والطرفين٣ بشرط أن يسند إلى الحس٤ ولا يشترط له عدد معين عند المحققين كما عرف في الأصول.

وكأن المصنف أراد بمجرد الإفادة أن من الناس من يشترط التواتر وإلا فأنه لا يصح تفسير عبارة الزين بمذهب البغدادية من المعتزلة لأن من يشترط التواتر لا يشترط عددا معينا وعبارة الزين أن بعض المعتزلة يشترط العدد في الرواية كالشهادة فلا يصح أن يجعل إشارة إلى القائلين منهم بشرطية التواتر.

فإن قلت: لعل معتزلة بغداد يجعلون للتواتر عددا معينا فيصح تفسير ما قاله الزين بهم.

قلت: لا يصح وإن قالوا بالعدد لاتفاق القائلين إنه لابد وأن يكون أهل التواتر أكثر من أربعةوزين الدين أشار إلى من يقول إن الرواية كالشهادة والشهادة عند


١ الجاحظ هو/ أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني، ويعرف بالجاحظ لجحوظ عينيه، واشتهر بقبيح خلقته، وبلغ من الذكاء وجودة القريحة ما جعله من كبار أئمة الأدب. مات سنة "٢٥٥هـ". له ترجمة في: وفيات الأعيان "١/٣٨٨"، وطبقات الأدباء "٢٥٤"، وتاريخ بغداد "١٢/٢١٤".
٢ يقصد بالاستواء: الاستواء في الكثرة، وإن تفاوت العدد مثل أن يكون عدد الطبقة الأولى ألفا، وعدد الثانية تسعمائة، وعدد الثالثة ألفا وتسعمائة.
٣ الطرفين: المراد بهما الطبقة الأولى من الرواة، وهي التي نقلت الخبر عن مصدره الأصلي، والطبقة الأخيرة وهي التي ألقت الخبر إلى السامع.
٤ الحسن: معناه أن يكون ذلك الخبر مما يدرك بالحس، ويكون مستند المخبرين هو الإحساس على وجه اليقين.
وذلك مثل أن يقولوا: رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كذا، وسمعناه يقول كذا، فإن كان الخبر مما لا يدرك بالحس لا يسمى متواترا. "توجيه النظر" ص "٣٤" بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>