إليه عند رواة الحكم فهو لا يذكره للاعتبار بل ليبني عليه أحكاما ثم إنه مبني على أنه لم يجد في الباب غيره وأي شيء يعتبر هو به وإن أريد أن غير أبي داود من الأئمة يعتبر به فلا يكون عذرا لأبي داود لأنه لم يأت به إلا للحكم به.
"فالإسناد الضعيف على هذا واجب القبول عند كثير من الأصوليين والفقهاء وإن لم يتابع راويه على روايته" ولا يكون حسنا لذاته ولا لغيره "وأما المحدثون فيذهبون إلى قبوله متى جمع شرائط الحديث الحسن" لذاته أو لغيره "إلا البخاري فلم يقبله كما تقدم وبوضح ما ذكرته أن الإسناد الضعيف الذي ذكره ابن منده في السنن مقبول عندهم هو ما قدمناه عن أبي داود من قوله إن ما لم يذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض" لا يعزب عنك أن نقل ابن منده عن أبي داود أنه قال يخرج الحديث الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وهذا نص منه أنه يخرج الضعيف وقال فيما سكت عنه إنه صالح ثم قال وبعضها أي بعض الأحاديث التي سكت عنها أصح من بعض فعبارته تشعر بأن الذي سكت عنه صحيح أو أصح والذي أخرجه عند عدم وجود غير ورآه أولى من الرأي ضعيف فكيف يقول المصنف إن الذي ذكره ابن منده هو الذي قدمه عن أبي داود فليتأمل "ولهذا قال ابن منده" الأولى قال أبو داود لأن ابن منده راو للفظه ومراده قال راويا "إنه" أي أبا داود "يورد الإسناد الضعيف ولم يقل الحديث الضعيف لأن الحديث في نفسه قد يقوي متنه لاجتماع الأسانيد الضعيفة إذا كان رواتها في مرتبة رجال الحسن ولم يكونوا ضعفاء بمرة" لكنه غير خاف عليك أنه قال أبو داود إنه يخرج الحديث الضعيف إذا لم يجد غره فأين اجتماع الأسانيد الضعيفة التي ترقيه إلى الحسن إذ لو كان شيء يرقيه إلى مرتبة الحسن لما قال إذا لم يجد غيره وإن أراد أن غير أبي داود وجد له أسانيد عاضدة لحديثه الذي لم يجد غيره فلا ينفع ذلك بالنظر إلى أبي داود إذ قد أتى بضعيف لم يعضده شيء عنده ورتب عليه حكما ومنه تعرف ما في قوله.
"ومن نفائس هذا الفصل أن لا تظن" أيها المخاطب كما يرشد إليه قوله واهما "الانفراد في أحاديث السنن إذا لم يورده" أي الحديث الدال عليه الأحاديث "أبو داود إلا بإسناد من الأسانيد الضعيفة واهما" من ظن الانفراد في أحاديث السنن "أنه" أي أبا داود "إنما ترك الشواهد والمتابعات لعدمها" عند أبي داود فيظن الانفراد "و" يظن الواهم "أن شرط الحديث الحسن وجودها" أي الشواهد والمتابعات "فليس كذلك" أي ليس كما ظنه