"وأما الذهبي" كأنه قسيم إماما تقدم من الأقاويل أي هذا ما قال أئمة هذا الشأن غير الحافظ الذهبي "فقال في ترجمة أبي داود من كتابه النبلاء قال أبو داود ذكرت في السنن الصحيح وما يقاربه فإن كان فيه وهن شديد بينته قال الذهبي وقد وفى بذلك رحمه الله بحسب اجتهاده وبين ما ضعفه شديد غير محتمل وكاسر" بالسين المهملة في القاموس كسر من طرفه غض أي غض أبو داود "عما ضعفه خفيف محتمل" غير شديد.
"فلا يلزم من سكوته والحال" عنده "هذه عن الحديث أن يكون حسنا عنده" لأنه قد سكت عما فيه ضعف محتمل وليس هذا بداخل في باب الحسن "ولا سيما إذا حكمنا على حد الحسن باصطلاحنا المولد الذي هو في عرف السلف يعود إلى قسم من أقسام الصحيح" وهو الحسن لذاته فإنه إنما يعتبر فيه خفة الضبط كما عرفت فإنه "الذي يجب العمل به عند جمهور العلماء أو الذي يرغب عنه البخاري" كان الأولى الإتيان بكلمة الواو عوضا عن أو لأن الذي يرغب عنه البخاري هو الحسن لذاته "ويمشيه مسلم وبالعكس" لا أدري ما يراد به فينظر إذ المعروف أن البخاري لا يعمل بالحسن لذاته كما تقدم ومسلم يدخله في قسم الصحيح وعكس هذا ما أدرى ما أراد به الذهبي "فهو" أي المذكور بالحسن لذاته "داخل في أدنى مراتب الصحيح" كما قد عرفته من كلام العلائي وغيره "فإنه" أي الحسن لذاته "لو انحط عن ذلك" أي عن شرائطه بالاصطلاح المولد "لخرج الاحتجاج".
"وكتاب أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان وذلك نحو من شطر الكتاب" وهذا كله تقرير لكون ما كاسر أبو داود عن ضعفه المحتمل وسكت عنه لا يدخل تحت الحسن ولا يحتج به لأنه قد انحط عن رتبته وهذا خلاف ما قاله المصنف في تقريره "ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين" كأن المراد به مسلم "ورغب عنه الآخر" البخاري "ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيدا سالما من علة وشذوذ ثم يليه ما كان إسناده صالحا وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدا يعضد كل منهما الآخر ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص في حفظ راويه فمثل هذا يمشيه أبو داود ويسكت عنه غالبا ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة راويه فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالبا وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته والله أعلم انتهى بلفظه".
واعلم أنه قد تحصل من كلام الذهبي هذا أن أحاديث أبي داود على ستة أقسام: