"قال" أي زين الدين "وجواب ما اعترض به" أي ابن سيد الناس "أن الترمذي إنما يشترط ذلك في الحسن" أي مجيء الحسن من وجه آخر "إذا لم يبلغ مرتبة الصحيح فإن بلغها لم يشترط ذلك" فليس شرطه ذلك في الحسن مطلقا "بدليل قوله" أي الترمذي "في مواضع" من جامعه "هذا حديث حسن صحيح غريب فلما ارتفع إلى" رتبة "الصحة اثبت" له "الغرابة باعتبار فرديته" انتهى كلام الزين فهذا صريح في أنه يصف الحديث بأنه حسن إذا بلغ رتبة الصحيح وأن لم يأت إلا من وجه واحد قال المصنف "وعندي جواب آخر" يوجه به جمع الترمذي بين الحسن والصحة في صفة حديث واحد "وهو أن يريد الترمذي أن الحديث صحيح في إسناده ومتنه" مبتدأ خبره "حسن في الاحتجاج به على ما قصد الاحتجاج به فيه ويكون هذا الحسن هو الحسن اللغوي دون الاصطلاحي".
تقدم تفسير الحسن اللغوي بأنه ما تميل إليه النفس ولا يأباه القلب وهو صفة اللفظ وليس مدلولها الاحتجاج به ولا يرد على هذا ما أورده الشيخ تقي الدين على ابن الصلاح حيث حمل الحسن على اللغوي وهو "من لزوم تحسين الموضوع لأن الموضوع" وأن كان قد يكون حسنا لغة لكنه "لا يحسن الاحتجاج به لأن ابن الصلاح أطلق الحسن اللغوي" وقد قيده المصنف به لإخراج الموضوع "ولم يقيده" ابن الصلاح "بحسن الاحتجاج فورد على إطلاقه والله أعلم".
قلت: إلا أنه لا يخفى أن زيادة قيد حسن الاحتجاج ليس من مدلول الحسن اللغوي كما أشرنا إليه فهذا معنى للحسن آخر ليس لغويا ولا هو الاصطلاحي المعروف وقال الحافظ ابن حجر نقلا عن غيره وقيل يجوز أن يكون مراده أن ذلك باعتبار وصفين مختلفين وهما الإسناد والحكم فيريد حسن باعتبار إسناده صحيح باعتبار كونه من قبيل المقبول وكل مقبول يجوز أن يطلق عليه اسم الصحة. انتهى.
"وهذا الجواب عندي أرجحها لأنه لا يرد عليه شيء من الإشكالات" إلا ما عرفته من أنه ليس مدلوله ذلك لغة وكذلك يرد عليه أنه كان الحديث صحيح الإسناد ولامتن فالاحتجاج به معلوم لا يفتقر إلى ذكره ولأنه لم يأتي في اصطلاحهم وصف الحديث بالحسن مرادا به حسن الاحتجاج به ولا يحمل كلامهم إلا على اصطلاحهم,