للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه قد يكون الحديث صحيح الإسناد والمتن ويخلو عن الحسن اللغوي بأن يكون لفظه غريبا فإن الغريب لا تميل إليه النفس ثم أنه كان الأولى على تقدير إرادة ما ذكره المصنف أن يقال صحيح حسن لا حسن صحيح لأن الاحتجاج فرع عن صحته.

"فإن قيل: يرد عليه" أي على هذا الجواب "أنه يلزم منه أن يقول" أي الترمذي "في الحديث الحسن هذا حديث حسن حسن مرتين أحدهما يعني بها الحسن الاصطلاحي والأخرى يعني بها الحسن اللغوي" قد عرفت مما سلف أن الإشكال وارد على جمع الوصف للحديث بين صفتي الحسن والصحة وأنه أجاب المصنف بأن المراد بالحسن الاحتجاج به وبالصحة صحة إسناده لو متنه حسن للاحتجاج به وهذا السؤال وارد على انفراد بصفة الحسن أو ليس فيه إشكال ومعلوم أنه لا يريد أن السؤال هذا وارد على محل الإشكال وأنه يريد أنه يلزم أن يقال حديث حسن صحيح واحتمال إرادته هذا تكلف.

"فالجواب أنه يجوز أن يريدهما" أي الحسن اللغوي والاصطلاحي "بلفظ واحد كما لو صرح بذلك فقال هذا حديث إسناده والاحتجاج به" قد عرفت أن الاحتجاج به ليس معناه اللغوي "لأن الحسن الاصطلاحي بعض أنواع الحسن اللغوي" قد ينازع في هذا ويقال بينهما عموم وخصوص من وجه لوجود الحسن اللغوي في الموضوع ووجود الحسن الاصطلاحي فيما كان في لفظه غرابة واجتماعها فيما حسن إسناده وفيما تميل النفس إليه ولا يأباه القلب "وليس الحسن مشتركا بينهما مع أن كثيرا من العلماء أجازوا في المشترك" لو فرضناه مشتركا بينهما "أن يعبر به عن كلا معنييه وهو اختيار الأصحاب" يريد الزيدية وعبر ذلك هنا وفيما سلف وقدمنا رأيه في هذا "في لفظة مولي في حديث من كنت مولاه فعلى مولاه" أخرجه جماعة من أئمة الحديث منهم أحمد والحاكم من حديث ابن عباس وابن أبي شيبة وأحمد من حديث ابن عباس عن بريدة وأحمد وابن ماجه عن البراء والطبراني وابن جرير وأبو نعيم عن جندع الأنصاري وابن قانع عن حبشي بن جنادة وأخرجه أئمة لا يأتي علهم العد عن جماعة من الصحابة وقد عده أئمة من المتواتر "وهذا بحث أصولي" أي كون المشترك يطلق على معنييه أولا فإنه من مسائل الخلاف في الأصول الفقهية لكن لا يخفى أن هذا يتوقف على معرفة رأي الترمذي في اللفظ المشترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>