للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الصحابة إنما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم: وأمر الأمة لا يمكن الحمل عليه لأنهم يأمرون أنفسهم وبضع الأمة إن أراد من الصحابة فبعيد لأن قوله ليس حجة على غيره وإن أراد الخلفاء بخصوصهم فكذلك لأن الصحابي مأمور بتبليغ الشريعة فيحمل على من صدر عنه الشرع وهو الرسول صلى الله عليه وسلم وأما حمله على القياس فبعيد كحمله على الاستنباط فإنه لا يتبادر ذلك لسامع.

واعلم أنه قال ابن الأثير في مقدمات جامع الأصول إن الخلاف فيما إذا كان قائل ذلك من الصحابة غير أبى بكر أما إذا قاله أبو بكر فيكون مرفوعا قطعا لأن غير النبي لا يأمر ولا ينهاه لأنه تأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم: ووجب على الأمة امتثال أمره.

"قال الزين وجزم به أبو بكر الصيرفي في الدلائل" يحتمل أنه جزم بمثل قول الإسماعيلي أو بمثل قول الجمهور وقر به من الأول أنه به حزم "وذلك مثل" حديث "أمر بلال إن يشفع الأذان ويوتر الإقامة" أخرجه البخاري وغيره١ وكذلك قول عائشة كنا نؤمر بقضاء الصوم٢ "قال ابن الصلاح: ولا فرق بين أن يقول ذلك في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعده" إذ المتبادر منه أن الآمر الرسول مطلقا.

تنبيه: قول الصحابي أني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم٣ وما أسبه لأبين لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المرفوع وقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت" هو كقوله: أمرني الله تعالى وكقوله صلى الله عليه وسلم: "أمرت بقرية بأكل القرا يقولون يثرب", الحديث٤ لأنه لا آمر له صلى الله عليه وسلم إلا الله سبحانه وتعالى.

"وأما إذا قال ذلك التابعي ففيه وجهان وهو كقوله من السنة سواء" وقد تقدم تحقيقه.


١ البخاري في: الأذان ب ١-٣, ومسلم في: الصلاة حديث: ٢-٣-٥-وأحمد ٣/١٠١.
٢ مسلم في: الحيض: حديث ٦٧, وأحمد ٦/١٨٧.
٣ البخاري في: الأذان ب ١١٥. ومسلم في: الصلاة حديث ٢٧-٣٠. وأحمد ٢/٢٣٦.
٤ البخاري في: المدينة ب ٢, ومسلم في: الحج: حديث ٤٨٨, وأحمد ٢/٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>