للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"مسألة امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زين الدين: وأما إذا صرح" أي الصحابي "بالآمر فقال امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أعلم فيه" أي في كونه مرفوعا "خلافا إلا ما حكاه ابن الصباغ في العدة" وحكاه أيضا شيخه أبو الطيب الطبري "عن داود وبعض المتكلمين أنه لا يكون حجة حتى ينقل لنا لفظ النبي صلى الله عليه وسلم" قال إذ يحتمل إن يكون سمع صيغة ظنها أمرا أو نهيا وليست كذلك في نفس الأمر.

قلت: إن عملنا يمثل هذا الاحتمال لم تقبل إلا الرواية باللفظ النبوي وبطلت الرواية بالمعنى وهي أكثر الروايات بل قيل لم تتواتر رواية باللفظ إلا في حديثين ولا شك إن الظاهر من حال الصحابي مع عدالته ومعرفته الأوضاع اللغوية أنه لا يطلق ذلك إلا فيما تحقق أنه أمر أو نهي وان لم يكن كذلك في نفس الأمر ثم هذا الاحتمال الذي استدل به لداود يجري في الخبر إذ يحتمل أنه ظن ما ليس بخير خيرا فلا وجه لتخصيص الأمر "وهو ضعيف مردود" بما عرفته "قال زين الدين: إلا أن يريدوا" أي داود من وافقه "أنه ليس بحجة الوجوب ويدل تعليله" أي ابن الصباغ "للقائلين بذلك بان من الناس من يقول المندوب مأمور به ومنهم من يقول المباح مأمور به أيضا" وهذه المسألة مبسوطة في أصل الفقه.

"قال زين الدين: فإذا كان ذلك مرادهم كان له وجه" قلت: قول الصحابي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إخبار بأنه صلى الله عليه وسلم قال لهم بصيغة إنشاء وهي افعلوا كذا فهو كما لو قال الصحابي قال صلى الله عليه وسلم افعلوا ولفظ افعلوا الأصل فيه الإيجاب عند الجمهور كما عرف فلا وجه لتأويل كلام داود إلا أن يكون مذهبه في الأصول أن الأمر ليس للإيجاب فبحث آخر على أن افعلوا ونحوه ليس بحجة في الإيجاب هذا كله فيما كان ذلك من الصحابي.

"فإذا قال التابعي أمرنا هل يكون مرسلا ففيه احتمالان للغزالي وجزم ابن السباغ في الشامل أنه مرسل وحكى فيما إذا قال ذلك ابن المسيب وجهين" كأنه خص سعيدا من التابعين لأنه قد عرف منه أنه لا يقول ذلك إلا مرفوعا "وأما إذا قال الصحابي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي بحذف المفعول "فلم يذكرها أهل الحديث" ولا كثير من أهل الأصول وذكرها في الفصول وجعلها مرتبة ثالثة بعد مرتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترض عليه بأنها ليست مرتبة غير مرتبة غير مرتبة قال فإن الأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>