والمسألة مستوفاة هنالك والمراد بيان أن المسألة من المسائل المعروفة والخلاف فيها واسع فأحد أقوال أحمد كقول الكرابيسي وكأنه الذي أراده ابن الصباغ بقوله عن قوم من أصحاب الحديث والحق أن فيه ما يفيد العلم كما هو أحج الأقوال.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يبعث الآحاد إلى الأقطار يدعون إلى الإيمان ولابد فيه من العلم ولا يكفي فيه الدخول بالظن وكان يرتب على خبر الآحاد ما يرتب على ما يفيد العلم كقبوله خبر الوليد بن عقبة في قصة بني المصطلق وإرادته صلى الله عليه وسلم غزوهم استنادا إلى خبره حتى أنزل الله:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ}[الحجرات: ٦] ثم المراد من العلم هنا بخبر الآحاد العلم بالمعنى الخاص وهو الاعتقاد الجازم المطابق الذي لا يبقى معه شك ولا شبهة فقول الزين العلم الظاهر يريد به هذا المعنى إذ العلم بالمعنى الأعم لا خلاف في إفادة خبر الآحاد له على أن قول الكرابيسي العلم الظاهر يحتمل أه لا يريد به ما في نفس الأمر بل أنه يفيد خبر الآحاد العلم المذكور ظاهر لا قطعا.
"قال الباقلائي" هو أبو بكر محمد بن الطيب الباقلائي بفتح الموحدة وبعد الألف قاف ثم لام ألف وبعده نون نسبة إلى الباقلا وبيعه وأنكر الحريري هذه النسبة وقال من قصر الباقلا قال باقلي ومن مد قال باقلاوي وباقلائي وفي جامع الأصول قولهم باقلائي على خلاف القياس مثل صنعائي ذكر ابن خلكان أنه سكن بغداد وصنف التصانيف الكثيرة في علم الكلام وسمع الحديث "أنه" أي القول بإفادة خبر الواحد العلم "قول من لا يحصل علم هذا الباب" أي باب ما تفيده أخبار الآحاد ولا يخفى ما تقدم من قول أحمد وغيره في إفادته إياه.
والحاصل أنه قبل بإفادته العلم وعدمها مطلقا وإفادته تارة وعدمها أخرى فكيف يقال أنه قول من لا يحصل على هذا الباب على أنه لا يخفي أن من أخبر نفسه بأنه حصل له العلم بأي سبب من الأسباب المحصلة له يصدق في نفسه وأما حكمه بأنه تحصل لغيره ما حصل له من العلم بذلك السبب فهذه دعوى على الغير مستندها القياس على النفس واختلاف الإدراك معلوم فلا يكاد يستوي اثنان في رتبه فالقول بأن هذا السبب الفلاني مثلا يفيد العلم أولا يفيده لكل من حصل له ليس بمقبول.
"قال زين الدين: إن أخرجه" أي الحديث الصحيح الأحادي "الشيخان" البخاري