إنكسار جدار يريد أن ينقض فيحكم العقل بأن الطعام لا يؤكل وأن الجدار لا يقام تحته وذلك تفصيل لما علم بالعقل إجمالا وهو وجوب اجتناب المضار وما نحن فيه كذلك للقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم: بعث لتحصيل المصالح ودفع المضار وخبر الواحد تفصيل له فإذا أفاد الظن وجب العمل به مطلقا انتهى ولكن شارك أبا الحسين في مدعاه أدلة أخرى معروفة وقد أجاب من لم يقل بالدليل العقلي على خبر الآحاد وادعى بأنه ليس عليه دليل إلا من السمع عن هذا الدليل بما هو معروف في الأصول.
"والمراسيل عند المخالف" وهو القائل بأنها لا تقوم بها حجة "لا تثمر الظن الراجح على الإطلاق وإن أثمر بعضها" الظن الراجح "فهو مقبول بالاتفاق كما سيأتي وإنما وقع الخلاف" بين الفريقين "فيما لا يثمر" ظنا راجحا "وما لا يرتقي إلى مرتبة أخبار الآحاد التي قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه" أي في إفادة الظن وكأنه يريد فيما يثمر ظنا راجحا كما قلناه لا أنه يثمر ظنا ويقولون إنه يعمل به ولا يقول هذا أحد فإن العمل لا يكون إلا بعلم أو ظن ولا يجوز العمل تخمينا إلا أن ينص الشارع إلى وجوب العمل به وجب وإن لم يحصل ظنا كالحكم بالعدلين إذا شهدا فإنه يجب عليه الحكم حصل له ظن أول ولعل قابل الآحاد يقول إنه يجب العمل بها وإن لم تثمر ظنا فيتم ما قاله.
واعلم أن حقيقة الظن الاعتقاد الراجح بأحد المجوزين فالراجحية لازمة لحصول الظن فإن استواء الظرفين شك كما عرف في الأصول وبها يختلف قوة وضعفا فإذا عرفت هذا فالخبر المرسل إن أفاد الظن عمل به عند الفريقين وإن لم يثمره عمل به عند أحدهما فعرفت أن تقسيم المصنف للمرسل إلى ما يثمر ظنا راجحا وإلى ما يثمر ظنا غير راجح أو إلى مالا يثمر ظنا أصلا غير صحيح إلا أن يحمل راحجا على أن المراد قويا وغيره على ظن غير قوي أو يحمل قول راجح على أنه وصف كاشف ويراد بالآخر أنه لا يثمر ظنا أصلا وفي قوله وما يرتقي إلى آخره تأمل إلا أن يكون من عطف الخاص على العام.
"وأما الوجه الثالث" من وجوه قابل المرسل "وهي" الأولى وهو كأنه أنته لكونه في معنى الحجة "حمل الراوي" الأحسن المرسل "وعلى السلامة والقول بأن عدم القبول" لما أرسله "تهمة له بقبيح" هو الكذب ونحوه "فهذا" الوجه "مبني على أصلين" لا يتم إلا بصحتها وسيعلم أنه لا صحة لهما فإن "أحدهما قد انكشف خلافه وثانيهما متنازع