"وجواب المحدثين على هذا" النقض أنهم "لا يسلمون إطلاق اسم القبيح على مثل هذا" فلا يتم قولهم إن عدم القبول تهمة للمرسل بقبيح "لأن هذه المسألة" أي الإرسال عمن ليس بعدل "ظنية مختلف فيها فالمرسل أن يعتقد أن المرسل" غير مقبول فيرسل عنه "و" يعتقد "أن على من سمعه البحث" لكن لا يخفى أن هذا الصنيع توعير لمسلك الشريعة السمحة السهلة.
"فإن جاء" المرسل "بلفظ التمريض" كروى ونحوه "والبلوغ" بلغنا كذا "فظاهر" أنه لم يجزم وعدم الجزم باعث على البحث عن الراوي "فإنه يصدق فيه" أنه بلغه سواء كان صحيحا أو ضعيفا.
"وإن كان الراوي له مجروحا" بل لا ينبغي أن يأتي بتلك الألفاظ إلا مع القدح في الراوي "والعنعنة" يأتي تحقيقها اشتقاقا وحكما قريبا "قريب من ذلك في الاحتمال" فإن لها احتمالات "على أني لم أجد لأحد من أهل المذهب نصا أن هذا يسمى مرسلا" قال المصنف في العواصم لا أعلم أحدا ذكر البلوغ أو الرواية بلفظ ما لم يسم فاعله في المراسيل ولا فيما يجب قبوله من أخباره الثقات.
"وإن جاء بلفظ الجزم" عطف على قوله فإن جاء بلفظ البلوغ إلى آخره "فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا" أي الذي أتى فيه الراوي بصيغة الجزم "هو الذي نص الأصحاب على تسميته مرسلا فالمحدثون اعتذروا عنه بأمرين أحدهما ما ذكره قاضي القضاة وهو أنا لا نسلم أن هذه الصيغة الجازمة تدل على ثقة المرسل بصحة ما أرسله" وأنه لم يجزم بإرساله إلا لثقة من أرسل عنه "فأن يجوز لمن ظن صحة الحديث" ولو كان عن مجروح "أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ذكره عنه" أي عن قاضي القضاة والقياس عنهم لأنه للمحدثين "أبو الحسين في المعتمد عند الكلام على الترجيح وعلى هذا لو ظن ذلك من خبر مجروح العدالة جاز له أن يقول ذلك وإن لم يجز له العمل" لأنه لا يجوز العمل إلا بخير العدل لأنه الذي تعبدنا بالعمل بخيره وهذا مبني على أن الرواية ليست بعمل وإلا فالأقوال داخلة تحت الأعمال كما قررناه في حواشي شرح العمدة في الكلام على حديث: "إنما الأعمال بالنيات".
"كما قد يجوز العمل حيث لا تجوز الرواية عند بعض العلماء كما يأتي في باب الوجادة وهي العمل بالخط وذلك أن للعمل شرطا وللرواية شرطا فشرط العمل الظن الصادر عن أمارة لم يرد الشرع بالمنع من العمل بها ولا عارضها أرجح منها ولا مثلها