للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإغرائه غيره على العمل بما لا يحل عنده العمل به "لكن ما المانع من أن يثق بمن لا نستجيز" معشر المحدثين "الرواية عنه لو صرح" المرسل "به" بمن روى عنه "مثل تجويز أن يروى عن مجهول وحديثه عنده مقبول أو عن سيئ الحفظ مختلف فيه أو عن مجروح جهل هو جرحه وقد عرفنا نحن جرحه أو عن مغفل قد استوى حفظه وسهوه ومذهبه قبوله مطلقا أو قبوله مع الترجيح أو نحو ذلك مما اختلف فيه".

أما جهل المرسل لجرح من أرسل عنه فليس من مسائل الخلاف فإن إرساله عنه جاهلا لجرحه غير قادح في إرساله وإن كان قدحا في المرسل فما كان يحسن عده مما اختلف فيه كما لا يخفى "فيؤدي" أي قبول مرسل الثقة المجزوم به "إلى تقليد المجتهد" القابل للمرسل "لغيره" وهو المرسل "في مسائل الاجتهاد" كقبول المغفل ونحوه "وبنائه" أي المجتهد "لاجتهاده على تقليد" المرسل والمجتهد لا يجوز له التقليد فإن قلت: قد تقدم للمصنف غير مرة أن قبول خبر العدل ليس تقليدا له قلت: ذلك فيما إذا أخبر العدل عن غير إرسال إذ هو الذي قام الدليل على قبول خبره كما عرفته.

إن قلت: هذا بعينه يجري في القدح المطلق والتعديل المطلق لاختلاف العلماء فيما يقدح به وفيما يشترط في العدالة فقابل القدح المطلق والتعديل المطلق ينبغي أن يكون مقلدا لا مجتهدا لأنه يبني اجتهاده على رأي غيره تجريحا وتعديلا.

قلت: لا محيص عن هذا ويأتي بسطه في محله.

"وهذا العذر الثاني" الذي ذكره المحدثون "أقرب من الأول والجواب عليه" من طرف قابل المرسل "أصعب وتلخيصه" أي هذا الجواب "أن تصحيح" العالم "الحديث أمر ظني نظري اجتهادي" زيادة في البيان وإلا فقد أغنى عنه نظري "ولا يجوز للمجتهد أن يقلد غيره في نحو ذلك" لا يخفى أن التقليد لا يجوز للمجتهد في شيء فليس للظرف مفهوم ويأتي توفيه الكلام فيما ذكره قريبا.

"ويرد على المحدثين هنا سؤالان: أحدهما أن يقول من عرف بالإرسال عن المجاريح" أي متأولا "كانت هذه علة مانعة من قبول حديثه" إن أريد حديثه الذي أرسله فهم قائلون بذلك فلذا لا يقبلون مرسله ولا مرسل غيره وإن أريد حديثه الذي أسنده فلا مانع عن جعله علة فيه أيضا "وإن لم يكن" إرساله عن المجاريح "قدحا مؤثرا في دينه" لما سلف من تأوله وأن ذنب المتأول لا يقدح به إجماعا ما لم يبلغ الفسق وذلك أنه يكون بإرساله عن المجاريح "كالصدوق المغفل بمرة" فإنه غير مقبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>