للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتهاده على تقليد غيره "وإنما يكون" من قلد غيره في تصحيح الحديث "مرجحا لا سوى".

اعلم أنه تقدم للمصنف كلامان متناقضان في هذه المسألة ولنوف البحث حقه فيها فإنه لا غناء للناظر من تحقيقها وقد كنت كتبت فيها رسالة جواب سؤال سميتها إرشاد النقاد إلى تيسر الاجتهاد اشتملت على فصول تتعلق بأطراف سؤال ورد في غير ذلك فنذكر هنا ما يتعلق بالبحث هذا كما وعدنا به فيما سلف فنقول:

قد عرفنا أنهم رسموا الصحيح بأنه الذي اتصل إسناده بنقل العدل التام الضبط عن مثله مع السلامة من الشذوذ والعلة فإذا قال العالم الحافظ كالبخاري مثلا هذا حديث صحيح فمعناه أنه متصل الإسناد وأن رواته كلهم عدول تام ضبطهم لم يخالف فيه الثقة ما رواه الناس وليس فيه أسباب خفية طرأت عليه تقدح في صحته فقوله صحيح يتضمن الإخبار بالجمل الخمس وقد تقرر بالبرهان الصحيح قبول خبر العدل وتقرر به أيضا أن قبوله ليس من باب التقليد كما عرف ذلك في أصول الفقه وقدم المؤلف ذلك فأخبار العدل بأنه حديث صحيح إخبار بعدالة رواته وتمام حفظهم وعدم شذوذ ما رووه وعدم إعلاله ولا يخفى أن قبول خبره قد يفيد بأنه سواء دل على تعديله بالتضمن أو التزام أو المطابقة وقد جعل أئمة الأصول والحديث من طرق التعديل حكم مشترط العدالة بالشهادة وعمل العالم بروايته ورواية من لا يروي إلا عن عدل ومعلوم أن دلالة هذه الطرق على عدالة الشاهد والراوي إلزامية فقول الثقة حديث صحيح يتضمن إخباره بالأمور الخمسة التي ذكرناها بالتضمن بل قول المعدل فلان عدل عبارة عن أنه آت بالواجبات مجتنب للمقبحات فلفظ عدل دل بالتضمن على الأخبار بالعدالة فكما أنا حكمنا بأن قوله عدل أو ثقة خبر يجب قبوله وليس قبوله تقليدا كذلك قوله صحيح.

فإن قلت: إخباره بأن الحديث صحيح إخبار بما ظهر له ويحتمل أنه في نفس الأمر باطل.

قلت: وكذلك إخباره بأن زيدا عدل إخبار عن ظنه بأن آت بالوجبات مجتنب للمقبحات بحسب ما رآه أو أخبر به مع جواز أنه في نفس الأمر غير مسلم وقد أمرنا بقبول خبر المعدل بأن فلانا عدل مثلا فهذه التجويزات لا نكلف بها على أن البخاري مثلا ليس معه في كون الرواة الذين لم يلقهم وهم شيوخ شيوخه عدولا إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>