للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان في المتابعات فيحتمل التسامح في تخريجها كغيرها.

ويأتي للمصنف وجه حمل روايات الشيخين على ما ذكر ثم إذا عرفت ما نقلناه عرفت ما في كلام الزين الماضي وما في كلام المصنف الآى من قوله "وقال الحافظ أبو محمد عبد الكريم الحلبي في كتاب القدح المعلى قال أكثر العلماء إن المعنعنات التي هي في الصحيحين منزلة منزلة السماع" يقال هذه دعوى فأين دليلها "قلت: ويحتمل أنهما" أي الشيخين "لم يعرفا سماع ذلك المدلس الذي رويا عنه" كما ادعاه لهما النووي "لكن عرفا لحديثه من التوابع ما يدل على صحته مما لو ذكراه لطال" قلت: وعلى هذا يكون الصحيح الذي فيهما من هذا النوع صحيحا لغيره "فاختارا" أي الشيخان "إسناد الحديث إلى المدلس لجلالته وأمانته وانتفاء تهمة الضعف عن حديثه ولم يكن في التابعين الثقات الذي تابعوا المدلس من يماثله ولا يقاربه فضلا وشهرة مثل أن يكون مدلس الحديث سفيان الثوري والحسن البصري أو نحوهما ويتابعه على روايته عن شيخه أو عن شيخ شيخه" بالسماع "من هو دونه من أهل الصدق ممن" هو ليس بمدلس.

حاصل هذا الوجه أن الشيخين رويا عن المدلس ما هو ثابت عندهما من طريق غيره بالسماع إلا أنهما آثرا الإتيان برواية المدلس لجلالته وأمانته وإن كان الأتيان منهما بالأدنى دون الأعلى في الرواية ثم هذه دعوى لهما كدعوى النووي وصاحب القدح المعلي وفيهما ما سلف من الإشكال.

والمصنف قد أراد الجواب عنه بقوله "فأن قلت: فلم حملوا" أي أئمة الحديث "صاحبي الصحيح ونحوهما من أئمة الحديث على ذلك" أي مع أنه لا دليل عليه "قلت: لأنه إذا ثبت عن الثقة البصير بالفن الفارس فيه" كالشيخين "أنه لا يقبل المدلس بعن وأن التدليس عنده مذموم ثم رأيناه يروى أحاديث على هذه الصفة" أي مدلسة بعن "ويحكم صحتها كان نصه على عدم قبولها" الذي فرضناه "يدل على أنه قد عرف اتصالها من غير تلك الطريق" فهذا حكم لأئمة الصحيح بأن مارووه عن المدلسين فانه صحيح ومستند هذا الحكم إحسان الظن بهم لما عرف من قاعدتهم.

قلت: إلا أنه قد يقال يلزم من هذا أن ما وجدناه ضعيفا من الرواة في كتاب الشيخين ونحوهما أن نحكم له بالصحة لما علم من أنهما قد التزما الصحة وقد عرفت أنه انتقد عليهما جماعة رويا عنهم وأقر الحافظ ذلك الانتقاد "بخلاف من لم

<<  <  ج: ص:  >  >>