إن الذين لجهلهم لم يقتدوا ... في الدين بابن كرام غير كرام
وهما لأبي الفتح البستي.
"ذهب إلى جواز وضع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما لا يتعلق به حكم من الثواب والعقاب ترغيبا للناس في الطاعة وزجرا لهو عن المعصية" يقال: هذا أيضا يتعلق به ثواب وعقاب.
"واستدلوا" لما أجاروه بأدلة:
أحدهما: قوله: "بما روى في بعض طريق الحديث: "من كذب علي متعمدا ليضل به الناس فليتبوأ مقعده من النار" أخرجه الطبراني عن عمرو بن حريث وأبو نعيم في الحلية١ عن ابن مسعود قالوا فتحل الروايات المطلقة على الروايات المقيدة كما بتعين حمل الروايات المطلقة عن التعمد على المقيدة به.
وأجيب بأن قوله ليضل به الناس مما اتفق الحفاظ على أنها زيادة ضعيفة وأقوى طرقها ما رواه الحاكم وضعفه من طريقق يونس بن بكر عن الأعمش عن طلحة بن مصرف عن عمرو بن شرحبيل عن ابن مسعود قال الحاكم وهم يونس في موضعين أحدهما أنه أسقط بين طلحة وعمرو رجلا وهو أبو عمار.
الثاني: أنه وصله بذكر ابن مسعود وإنما هو مرسل وعلى تقدير قبول هذه الزيادة فلا تعلق لهم بها لأن لها وجهين صحيحين:
أحدهما: أن اللام في قوله ليضل لام العاقبة من باب: {لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً}[القصص: ٨] قلت: فيه تأمل لأن معنى لام العاقبة هنا ليكون عاقبة كذبه إضلال الناس وهم لا يضلون بكذبه لأن كذب الكاذب عليه صلى الله عليه وسلم إما أن يعلمه الناس أو يجهلونه إن علموا أنه كذب فضلا لهم من حيث إنهم عملوا بالحديث الكاذب ولو كان من غير تعمد لإضلالهم وإن عملوا به مع جهلهم كونه كذبا فلا ضلال بل هم مأجورون لما عرفت قريبا من أنهم غير مخاطبين بما في نفس الأمر على أن حمل اللام على ذلك لا يجدي نفعا لأن مراد المستدل بمفهوم ليضل الناس أنه إن وضع ما لا إضلال فيه للناس فإنه غير داخل في الوعيد فكيف يصح عليه بأنها تحمل اللام
١ الموضوعات ١/٩٧, وابن عدي ١/٢٠. والمجمع ١/١٤٤, ١٤٦.