للعاقبة وكأنه يقول من حملها على ذلك إنه لا مفهوم لها ولا نسلم فإنه باطل بالوجه الأول فتأمل.
وثانيهما: أنها للتأكيد ولا مفهوم لها من باب: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ} الآية لأن الافتراء على الله محرم سواء قصد به إضلال الناس أولا.
"وحمل بعضهم حديث: "من كذب علي متعمدا" على من قال أنه ساحر أو مجنون" واستدلوا لذلك بحديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده بين عيني جهنم" قالوا: يا رسول الله تحدث عنك بالحديث فتزيد وتنقص؟ قال:"ليس ذلك أعنيكم إنما أعنى الذي كذب علي متحدثا بطلب به شين الإسلام" الحديث أخرجه الطبراني في الكبير وابن مردويه١ وجوابه ما قاله الحاكم إنه حديث باطل فيه محمد بن الفضل بن عطية العوفي اتفقوا على تكذيبه وقال صالح جزره كان يضع الحديث.
"وقال بعض المخذولين" ممن أجاز الكذب عليه صلى الله عليه وسلم ترغيبا وترهيبا "إنما قال من كذب علي ونحن نكذب له ونقوي شرعه" وجوابه أن هذا جهل منهم باللغة لأنه كذب عليه في وضع الأحكام فإن المندوب قسم منها ولأنه يتضمن الأخبار عن الله في الوعد على ذلك العمل بالاثابة والاخبار بالعقوبة المعينة ولأنه تعالى قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣] الآية فلا يحتاج إلى زيادة لنقويته كما قالوه "نسأل الله السلامة من الخذلان وروى العقيلي باسناده إلى محمد بن سعيد كأنه المصلوب" كذا في شرح الزين لألفيته بالأتيان بكلمهة الشك وفي الميزان في ترجمة محمد بن سعيد المصلوب قال أبو زرعة الدمشقي حديثا محمود بن خالد عن أبيه سمعت محمد بن سعيد يقول "لا بأس إذا كان كلاما حسنا أن يضع له إسنادا" قال الذهبي إتهم بالزندقة فصلب وفي نكت البقاعي قال عن عبد الله إبن أحمد أبيه أنه قتله أبو جعفر على الزندقة حديثه حديث موضوع.
"قلت: مثل هذا لايخفي جوابه فإن الكذب على الله وعلى رسوله بالجملة معلوم تحريمه من الدين ضرورة" فإن القرآن مملوء بذلك ففي حقه تعالى والسنة في حق رسوله
١ الموضوعات ١/٩٥, وابن كثير ١/٢١١. والقرطبي ١٣/٧. والدر ٥/٦٤.