وقوله "لأنهم" أي أئمة الحديث "لم يشترطوا العلم بعينه" أي الراوي "وبعدالته" قد طوى مقدمة الدليل وهي قوله لأنه أي التعديل من الثقة والرواية منه أو من غيره تفيد أن الظن بل التوثيق وحده يفيده وهو يجب العمل بالظن هنا لأنهم لم يشترطوا إلخ "ويوجبوا" عطف على لم يوجبوا "أن يبلغ المخبرون بها" أي العدالة "عدد التواتر" ليفيد العلم "ولو اشترطوا ذلك لم تساعدهم الأدلة عليه" فيكون شرطا بغير دليل فلا يلتفت إليه "فإن أخبار الآحاد ظنية" يحتمل أنه بريد أن أدلة العمل بها ظني أو أنها في دلالتها على الحكم الذي وردت فيه لا تفيد إلا ظن الحكم.
وقوله "واشتراط مقدمات علمية" وهي تواتر عدالة الراوي "في أمور ظنية" وهي أخبار الآحاد تفيد أنه يريد الوجه الأخير "غير مفيد" فلا يتم الاشتراط لأنها لا تحصل إلا الظن فأي فائدة لشرطية علمية المقدمات في ظني النتائج.
"بل الذي تقتضيه الأدلة أنه لو وثقه واحد ولم يرو عنه أحد أو روى عنه واحد ووثقه هو بنفسه لخرج عن حد الجهلة" وصار مظنون العدالة والعمل بالظن واجب "فقد نص أهل الحديث أن التعديل يثبت بخبر الواحد" كما تقدم إلا أنه يقال إن ذلك فيمن قد عرف اسمه وإسلامه من غير جهة المعدل والمفروض هنا أنهما لم يعرفا إلا من جهته في أحد التقادير وكلامهم هنا على تقدير انفراد الراوي عنه وأن يكون هو المعدل "هذا مع ما يعرض في التعديل من المصانعة والمحاباة" وقد قبلتموه مع هذا المعارض "فكيف" لا تقولون يرد إلى الجهالة العينية "بالأخبار" من العدل "بالوجود" لمن عدله أو روى عنه أو عدله وروى عنه فإن قول الثقة مثلا أخبرني زيد بن عمرو مثلا أو قال وهو ثقة أو وثقه غيره ولم تعلم رواية عن زيد هذا ولا عرف اسمه لوا توثيقه إلا من كلام الراوي هذا مثلا عنه فقد تضمن إخبارا بوجوده لكنه غير مراد للراوي وإنما هو لازم خبره وإخبارا بأنه ثقة فلم لا يقبل خبره بوجود ويقبل خبره بأنه ثقة فكيف هذا الصنيع هذا تقرير مراد المصنف.
ولعلهم يقولون إنا نقبل خبره بأنه ثقة إن عرفنا وجوده من غير طريق غيره لا أنا عرفناهما معا من طريقه فإنه بمثابة قوله أخبرني الثقة يكون تعديلا مبهما ولذا قال المصنف في مختصره عن الجماهير إذ لو اشتهر أي الذي تفرد بالرواية عنه والتوثيق واحد لأمكن القدح فيه انتهى فأن هذا مشعر بأن المانع عن قبول ما ذكر هو الإبهام المانع عن تنحقيق حاله لا إنكار وجوده وعدم قبول خبر العدل فيه فإنهم يقولون نحن