نقبل خبر العدل بانه موجود ونقبل خبره بأنه عدل عنده لكنا نريد معرفة عينه من طريق غيره وشهرته لتجويز وجود جارح فيه والحاصل أن هذه المسألة بعينها ملاقية لمسألة توثيق المبهم وبه تعرف ما في قوله "فلم يعهد من عدل أنه يحتاج إلى اختراص وجود معدوم" أي يكذب في خبره بأن المعدوم موجود "فإذا قبل واحد في توثيق الراوي وإسلامه فهو" أي الواحد "في القبول في وجوده أولى وأحرى" أي في قبولنا خبره بوجوده قد عرفت أنهم قابلون لخبره بوجوده كقبولهم لوجود الثقة إذا قال العدل أخبرني الثقة لكنهم يطالبون في غير ذلك كما عرفت.
واعلم أن المصنف أجاب عن الجمهور في مختصره بقوله والجواب أن الضرورة إذا ألجأت إلى التقليد جاز بناء الاجتهاد عليه كالتقليد في توثيق المعين وجرحه فإفاد كلامه أن جعل تفرد الراوي والموثق مزيلا للجهالة العينية ليس إلا من باب التقليد للضرورة وأن تعديل من ليس بمجهول العين وجرحه أيضا من باب التقليد والذي تقدم له أن قبول خبر العدل ليس من باب التقليد بل من باب الاجتهاد لقيام الدليل على وجوب قبول خبره والتزكية والجرح من باب الأخبار إذ مفاد قوله المزكي فلان عدل أي آت بالواجبات تارك للمقبحات محافظ المروءة وقوله جرحا هو فاسق لشربه الخمر مثلا الكل إخبار عدل يجب قبوله لقيام الأدلة على العمل بخبر العدل وليس تقليدا لو كما سلف للمصنف رحمه الله نظيره في قول العدل هذا الحديث صحيح فإنه قال إنه خبر عدل وإن قبوله ليس من التقليد وإن كان ناقض نفسه في محل آخر وقد قررنا الصحيح من كلاميه.
والحاصل أن الدليل قد قام على قبول خبر العدل إما عن فسه بأن يخبر بأنه ابن فلان أو أن هذه داره أو جاريته فهذا لا كلام في قبول خبره عنه بالضرورة الشرعية بل يقبل خبر الفاسق بذلك بل أبلغ من هذا أنه يجب قبول قول الكافر لا إله إلا الله ويحقن دمه وماله ونعامله معاملة أهل الإيمان لأخباره بالتوحيد وإن كان معتقدا لخلافه في نفس الأمر كالمنافق وإن كان خبره عن غيره كروايته للأخبار قبل أيضا وإن كان عن صفة غيره بأنه عدل أو فاسق قبل أيضا إذ الكل خبر عدل وقبول خبره ليس تقليدا له بل لما قام عليه من الدليل في قبول خبره هذا تقرير كلام أهل الأصول وغيرهم ولنا فيه بحث أشرنا إليه في أوائل حاشية ضوء النهار.
والمراد هنا معرفة ما في كلام المصنف من قوله إن الضرورة إذا ألجأت إلى التقليد