والقبول مع التأويل في هذا الموضع" وهو حيث كان عصيانه متأولا متكررا ولم يوجب كفرا ولا فسقا فقلت: م أنه يقبل "فقسنا عليه" من عصى متأولا بما لا يوجب فسقا ولا كفرا قلت: ولا يخفى أنه قد يقال المعصية التي اقتضت فسقاأو كفر أشد مما لا يقتضيه وأغلط ولا يقاس الأخف على الأغلط كما علم في الأصول وفيما سبق من الأدلة غنية عن هذا القياس.
"فإن قيل" إذا كانت علة القبول هي ظن الصدق "يلزم قبول من ظن صدقه من المصرحين ورهان النصاري والبراهمة" أقول هذا أورده السيد علي بن محمدبن أبي القاسم صاحب الرسالة التي رد عليها المصنف بالعواصم فإنه قال وأما أن عللنا بتهمته بالكذب وترى أنه يعاقب عليه ويكون عند نفسه مطيعا لله تعالى فيلزم من أرباب الملل الخارجة عن الإسلام أن تقبل روايته مثل رهبان النصارى وعباد اليهود ومثل البراهمة فإنهم يتحرزون عن الكذب أشد تحرز ويتنزهون عنه أعظم تنزه. انتهى.
فأورد المصنف سؤالا وأجاب عنه بقوله "قلنا هذا مخصوص وتخصيص العلة جائز ولا بد للمخالف منه" أي من تخصيص علته التي علل بها فإنه علل بالعدالة وهي مخصصة كما أفاده قوله "فإن من علل العدالة خص من العدول المغفل" فإنها لا تقبل روايته مع عدالته لمانع تغفيله "والآية المقدمة في الوجه الرابع" وهي قوله تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} "حجة على تخصيص العلة فتأملها" بل خصصت شرطية إسلام الشاهد فضلا عن عدالته وهووأن كان الضرورة فقد صدق عليه أنه تخصيص علة.
"وقد بسطت القول في هذه المسألة" أي مسألة قبول المتأولين "في العواصم احتجاجا وسؤالا وانفصالا وجمعت فيها مالم يجمع في كتاب فيما أعلم ولعل الذي جمعت فيها يأتي جزءا وسطا" هو كما قال وذلك لأن السيد علي صاحب الرسالة أطال في القول بعدم قبول رواية فساق التأويل وكفاره واستدل بالكتاب والسنة والإجماع فأورد عليه المصنف من الإشكالات مائة وزيادة على سبعين إشكالا وشحها بعلوم وفوائد لم يشتمل عليها سوى كتابه كتاب "وذلك لكثرة الحاجة إليها وأنبناء كثير من الأحكام الشرعية عليها فمن أراد الإستقصاء فليطالعها في هذا الكتاب المشار إليه" في كتاب العواصم في الجزء الأول منه وقد نقلنا في غضون هذه الأبحاث زبدا منه