مما يتعلق بذلك وهذا غير ما ذكره أئمة الحديث في المسألة.
"وأما ما ذكره الحدثون في هذه المسألة فقد ذكروا في فساق التأويل أقوالا" ثلاثة فيما يتعلق بفساق التأويل فقط.
"الأول: أهم لا يقبلون كالمصرحين" أي كما لا نقبل الفاسق فسقا صريحا "روى" هذا القول "عن مالك وقال ابن الصلاح: إنه بعيد متباعد الشائع عن أئمة الحديث فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة كما سيأتي" ومن المبتدعة فساق التأويل.
وقال السخاوي في شرح ألفية الزين قال الخطيب في الكفاية إن هذا القول يروى عن طائفة من السلف منهم مالك وكذا نقله الحاكم عنه ونصه في المدونة في غير موضع يشهد له وتبعه أصحابه وكذا جاء عن القاضي أبي بكر الباقلاني وأتباعه بل نقله الآمدي عن الأكثر وجزم به ابن الحاجب انتهى وقال السخاوي أيضا بعد نقله كلام ابن الصلاح ما لفظه وكذ اقال شيخنا يريد به الحافظ ابن حجر إنه يفيده قال وأكثر ما علل به أن في الرواية ترويجا لأمره وتنويها بذكره وعلى هذا لا ينتفي أن يروى عن مبتدع شيئا يشاركه فيه غير مبتدع.
قلت: وإلى هذا التفصيل مال ابن دقيق العيد حيث قال إن وافقه غيره فلا يلتفت إليه إخمادا لبدعته وإطفاء لناره يعنى أنه كما يقال من عقوبة الفاسق المبتدع أن لا تذكر محاسنه وإن لم يوافقه ولا يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع ما وصفناه من صدقه وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالتدين وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته.
القول "الثاني: إن كان يستحل الكذب لنصرة مذهبه لم يقبل وإلا قبل وإن كان داعية إلى مذهبه عزاه الخطيب إلى الشافعي" كما نقله عنه الخطيب في الكفاية لأنه قال أقبل من غير الخطابية ما نقلوا قال لأنهم يرون شهادة أحدهم لصاحبه فمن لم يستحل الكذب كان مقبولا لأن اعتقاد حرمة الكذب تمنع من الإقدام عليه فيحصل صدقه قال الخطيب ويحي أيضا أن هذا مذهب ابن أبي ليلى وسفيان الثوري ونحوه عن أبي حنيفة بل حكاه الحاكم في المدخل عن أكثر أئمة الحديث وقال الفخر الرازي في المحصول إنه الحق ورجحه ابن دقيق العيد.
"الثالث" من الأقوال في المسألة "إن كان" فاسق التأويل أو كافره "داعية إلى مذهبه لميقبل وإلا قبل وهو مذهب أحمد" بن محمد بن حنبل "كما قاله الخطيب قال ابن