أمره تعالى لنا بالأبلاغ عنه وعن ورسوله صلى الله عليه وسلم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم إجازة لنا وزيادة "لأنه تعالى أراد خطاب جميع المكلفين بخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما خاطب من سمعه" نعم الخطاب الشفاهي هو لمن سمعه كما عرف في الأصول لكنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالبلاغ عنه وهو إجازة منه لمن بلغه أن يبلغ عنه ثم ظاهر كلامه أن المراد من قوله فإما من خاطب من سمعه أنه أراد الخطاب الشفاهي لأنه المسموع لمن يخاطب به.
ولا يخفى أنه تعالى لم يشافه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في فرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء فإنه كان بغير وساطة وأما القرآن ويغره فإنه جاءه صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك فلا يتم قوله أراد خطاب جميع المكلفين لأنه تعالى لم يخاطب الخطاب الشفاهي الذي جعله وجه الشبه لا الموجودين ولا المعدومين بل خاطب جبريل عليه السلام على كيفية ال يعلمها إلا هو "وكذا شيوخ المحدثين إنما خاطبوا من أخذ عنهم" الكلام في أعم من الخطاب وهو البلاغ فأجازته للمعدومين إبلاغ لهم بأن يرووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا كأمره صلى الله عليه وسلم أن يبلغ عنه.
"قلت: كون الله قصد خطاب المعدومين" كما أفاده إيراد السؤال "من المكلفين" ينبغي أن المراد أي قصد أن يخاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم عنه تعالى كما قصد أن يخاطب جبريل محمدا صلى الله عليه وسلم إلا أنه تعالى خاطب الموجودين الخطاب الشفاهي الذي علق به النزاع وكما دل له قوله "مختلف في صحته" لكنه لا يخفي أنه إذا حمل على ما ذكرنا خرج عما نحن بصدده.
واعلم أن مسألة الخطاب الشفاهي هي محل الخلاف في الأصول بين الحنابلة والجماهير ولا يخفي أنه لا يصح أن تراد هنا فإن المحدث الذي أجاز للمعدومين غير مخاطب لهم مشفاهمة ضرورة عقلية لكنه يبلغ بأجازته كأمره صلى الله عليه وسلم بقوله "بلغوا عني" فإنه أجازة لمن في عصره ولمن جاء بعده ووجد بعد فقده وقوله المعدومين يدل على أن الموجودين لا خلاف في قصد خطابهم وفيه الخلاف بل الحق أن الخطاب الشفاهي لا يكون إلا للحاضرين لا غير وذلك مثل يا أيها الناس وأما الغئبون ومن سيوجد فإنما يدخلون في الحكم لأدلة عموم التشريع كما عرفت في الأصول الفقية.
"وعلى تقدير صحته فليس ينزل منزلة الأخبار كما لا ينزل منزلة التكليم" يقال عليه