مسلم ولذا لا يقال في الرواية بالإجازة كلمني فلان ولا شافهي ولا سمعته وإنما يقال أجاز لي ونحوه "ألا ترى أن موسى عليه السلام كلم الله تعالى من دون سائر من آمن به وإن كان الله قد أمرهم ونهاهم وأخبرهم" يقال فرق بين الأمرين فإنه تعالى كلم موسى عليه الصلاة والسلام بغير واسطة والذين أمرهم وأخبرهم ونهاهم كانوا بواسطة الرسل وكان فيمن أمرهم تعالى من هو معدوم قطعا فأمر الرسل بإبلاغهم والرواية عنه تعالى لهم وأمرت الرسل أصحابهم بإبلاغهم فهم مأمورون بأمر الله بالواسطة الأحياء في عصر الرسل الذي لم يشافههم الرسول كالمعدومين في ذلك إنما تعددت الوسائط.
"فظهر من هذا أن قول القائل أخبرنا الله مجاز" يقال فما حقيقة هذا المجاز هل المراد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أيضا مجاز بل قوله صلى الله عليه وسلم أخبرني الله تعالى إذا اعتبرت الأخبار الشفاهي مجاز ويكون من المجاز الذي لا حقيقة له بل الأظهر أن قولنا نحن مثلا أخبرنا الله مثل قوله صلى الله عليه وسلم "أخبرني الله" الكل حقيقة في العبارتين أو مجاز فيهما إذا الكل إخبار عنه تعالى بواسطة غايته كثرة الوسائط في حقتا وقلت: ها في حقه صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بإبلاغنا وأمرنا صلى الله عليه وسلم بالإبلاغ عنه أو يقال لا يشترط في الأخبار عن الغير المشافهة بل تحقق أنه قاله وأمرنا بإبلاغه فيكون الكل حقيقة.
"والذي حسنه" أي هذا المجاز ولا يخفى أن الأولى أن يقول صححه "وضوح القرينة الدالة على المقصود وعدم أيهام حقيقة التكليم الخاص" وذلك أن وضوح القرينة في المعنى الجازي مصححه لا محسنه إذ لو خفيت لما صح "ودليله" أي أنه مجاز "أنه يقبح من أحدنا أن يقول أخبرني زيد بكذا ولم يخبره بذلك مشافهة لما كان الظاهر" وهو الحقيقة هنا "ممكنا ولا مانع منه" أي من مشافهة زيد له بالخبر وقد يقال لا نسلم القبح بعد ثبوت قوله صلى الله عليه وسلم أخبرني الله تعالى ولعل هذا القبح عرفي لا لغوي.
"الوجه الثاني" من وجهي الضعف "أن ذلك غير مفيد للمقصود من الأجازة وإن قدرنا صحته في مجاز اللغة أو حقيقتها بمعنى أن قائله" أي قائل أخبرني الله "لا يوصف بالكذب وذلك لأن المقصود بالإجازة اتصال الإسناد وعدم انقطاعه فلو جاز مثل ذلك" وهو الإجازة للمعدومين "لجاز لنا أن نروي عمن بيننا وبينه قرون عديدة ممن