للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيهم أوسع دائرة أوسع دائرة من المعتزلة في هذا "فإنهم يقبلون المجهول" مطلقا "سواء عندهم في ذلك الصحابي وغيره ذكر ذلك الفقيه عبد الله بن زيد في الدرر المنظومة وهو أحد قولي المنصور بالله ذكره في هداية المسترشدين وهو أرجح احتمالي أبي طالب في جوامع الأدلة وأحدا احتماليه في المجزيء وهذا المذهب مشهورا عن الحنيفة والزيدية مطبقون على قبول مراسيل الحنفية فقد دخل عليهم حديث المجهول على كل حال وإن كان المختار عند متأخريهم" أي الزيدية "رده" أي المجهول "فذلك لا يغني مع قبولهم مراسيل من يقبله والقصد بذكرهم هذه الأقوال أن لا يتوهم أن المحدثين شذوا بهذا المذهب" وهو القول بعدالة مجهول الصحابة بل هو رأي غيرهم بل غيرهم أوسع دائرة منهم.

وأوسع دائرة ما أفاده قوله "وذكر المنصور" بالله "في مجموعه أن الثلاثة القرون الأول مقبولون" لقوله صلى الله عليه وسلم "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" أخرجه بلفظ: "خير الناس قرني ... " إلى آخره ورواه الترمذي والحاكم عن عمران بلفظ: "إن خيركم ... " إلخ "و" قال المنصور بالله "أن ذلك معروف عند أهل العلم وهذا أوسع من قول المحدثين كما ترى" وهو ظاهر.

وقد عارض دليله حديث "أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره" أخرجه الترمذي١ من حديث أنس وصححه ابن حبان من حديث عمار وله شواهد وابن عساكر عن عمر وبن عثمان مرسلا بلفظه "أمتى مباركة لا تدري أولها خير أو آخرها" ٢.

وقد جمع بينهما سعدالدين التفتازاني بأن الخيرية تختلف بالاعتبارات فالقرون السابقة بنيل شرف قرب العهد ولزوم سيرة العدل والصدق واجتناب المعاصي ونحو ذلك وأما باعتبار كثرة الثواب فلا يدري أولها خير لكثرة طاعته وقلة معصيته أم الآخر لأيمانه بالغيب طوعا ورغبة مع انقضاء مشاهدة زمن آثار الوحي وظهور المعجزات وبالتزامه طريقة السنة مع فساد الزمان وشيخنا رحمه الله تعالى تعقب عليه في رسالة قرأناها عليه لا نطيل هنا بذكرها.


١ في الادب ب ٨١. حديث ٢٨٦٩. وأحمد ٣/١٤٣. والخطيب ١١/١٤.
٢ ابن عساكر ٧/٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>