للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بنصوص أربعة: الإبن، والأب، والإله، والرب.

وإذا نحن أتينا عليها بالتأويل١ وبيّنا ما يحتمله بالدليل من التوراة والإنجيل لم يبق إلى إجرائها على الظاهر من سبيل، بعد أن / (١/٧٨/أ) نقدّر صحّتها مثلاً ونسلم ورودها جدلاً، ولو نسبناهم فيها إلى التحريف والتصحيف لأغريناهم بطغيانهم وحسمنا عنهم مادة إيمانهم، بل نلاطفهم ونتكلم بمقتضى اصطلاحهم ومنقولهم فعسى أن يكون ذلك أقرب لمعقولهم، فأما الخوض بهم في أدلة العقول فشيء لا تحمله قواهم ولا يلائم هواهم.

فنقول - وبالله التوفيق -: أما لفظتا الابن والأب: فلغتهم تسمي الولي (ابناً) وتسمي المربِّي (أباً) ٢ ويعبرون عن ذلك بأبوَّة النعمة وبُنُوَّة الخدمة وذلك


١ التأويل في اللغة: يطلق على معنيين: ١- الرجوع والعاقبة والمصير. ٢- التفسير والبيان. (ر: الصحاح للجوهري ٤/١٦٢٧، القاموس المحيط ص ١٢٤٤) .
٢ ورد في قاموس الكتاب ص ١٧ أن كلمة (الأب) وردت في الكتاب المقدس بمعانٍ كثيرة منها:
١- السلف المباشر للإنسان أي: والده.
٢- الجد أو الأسلاف على وجه عام.
٣- أطلق هذا اللفظ رمزياً على:
أ- الأب الروحي الذي ينفث من روحه في غيره سواء كان تأثيره طيباً أو على النقيض من ذلك، فقد دُعي إبراهيم (أبو المؤمنين) ، كما دعي إبليس أبو الأشرار.
ب- الدلالة على التشابه والتقارب والتماثل (وقلت للقبر أنت أبي) . سفر أيوب ١٧/١٤.
ج- على مصدر الشيء مثل: (أبو المجد) . أفسس ١/١٧.
د- على الخالق.
هـ وعلى مبتدع فنّ ما أو عمل ما، أو مبتكر أسلوب خاص للحياة. (أب ساكني الخيام) . تكوين ٤/٢٠.
وعلى الشخص الذي تظهر فيه خاصيات الأبوة. (أبو اليتامى) . مزمور ٦٨/٥.
ز- على من يقوم بعمل المرشد والمشير والمهتم بأمر من الأمور. (وهو قد جعلني أبا لفرعون) . تكوين ٤٥/٨.
ح- على رئيس محترم مكرم، ويطلق بخاصة على الأنبياء والمتقدمين في السن والمقام وعلى المسيحيين الأوّلين.
يعتبر الله في الديانة المسيحية أباً، وأبوة الله تسير في اتجاهين:
الأوّل: أبوته للبشر بالخلق.
والثاني: أبوته للمؤمنين بالنعمة. اهـ. ملخصاً.
قلت: فإذا كانت هذه معاني الأبوة في الكتاب المقدس لديهم، فما الذي جعل أبوة الله للمسيح مختصة بأن تكون من نفس جوهر الذات الإلهية - على حد زعمهم وسخافتهم؟ - وكيف يكون ذلك وقد شاركه غيره من الأنبياء والصالحين في تلك الأبوة ولهم من المعجزات أكثر مما للمسيح؟؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>