للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان التلاميذ يقولون للمسيح يا أبت١، وليس [أباهم] ٢ إلاّعلى جهة التدبير كما قال لهم: "لا تدعوا لكم مُدبَّر على الأرض فإن مدبركم المسيح"٣.

وكانوا أيضاً يدعون بطرس بعد المسح (أبا) لهم كما شهدت به سير التلاميذ، وذلك بمعنى المدبر، فيعلم اللبيب أن قول المسيح لربّه (يا أبت) إن صحّ ذلك عنه كقول بطرس للمسيح (يا أبت) وكقول التلاميذ لبطرس (يا أبت) . وعند الوقوف على هذه المواضع تنحل عقود النصارى في دعوى بنوة المسيح وينفصم عراهم فلا يحاولون انفصالاً إلاّ وينعكس عليهم في بنوة المسيح.

ويقال لهم: هل بنوة يوسف لأخيه بنيامين ولملك مصر إلاّ كأبوة الله للمسيح؟ ‍‍! وهل بنوة المسيح لله إلاّ كبنوة إسرائيل وداود وأولاده الشهيد من ابني آدم كما حكوا عن التوراة والكتب القديمة؟ ولما كان الأب هو المشفق المرفق العاطف ببره العابد بخيره، المحرك بإحسانه / (١/٨٥/أ) المفضل بتطوله وامتنانه، وكانت هذه المعاني لا تتحقق على الحقيقة إلاّ من الله جلت قدرته، وكان المسيح قد توفرت روحانيته فلم ير الوسائط، حَسُنَ٤ عنده التجوز باسم الأب عن الرّبّ، وهذا محمل يتعين حمل هذه الألفاظ عليه إن صحّ إطلاقها


١ لم أعثر في الأناجيل على نصّ يشير إلى أن التلاميذ كانوا يقولون للمسيح: يا أبت، ولكن ورد فيها أ، التلاميذ كانوا ينادون المسيح بالألقاب الآتية:
- (المسيح ابن الله) . ر: متى ١٦/١٦.
- (ربّ) . ر: مى ١٦/٢٦، مرقس ٨/٣١، يوحنا ٢١/١٥.
- (سيد) . ر: مرقس ٩/٤-٥، يوحنا ١٣/١٣٧.
- (معلم) . ر: يوحنا ٣/٢.
٢ في ص (أبوهم) والصواب ما أثبته.
٣ متى ٢٣/٩.
٤ في ش: جواب لَمَّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>