للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، إذا القديم جلّ وعلا يتقدس عن أن يشار إليه بأبوة البعضية المتّخذة من الزوجة والسرية تعالى القديم عن مماسة العديم، ويقدس العظيم عن ملابسة الهضيم١. {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} . [سورة الشورى، الآية: ١١] .

ولما كان الابن هو المضهوم الجناح، المفتقر في سعيه إلى النجاح، الخائف من دركات الهلكات بركوب الجناح، اللائذ بأبيه [لاستمطار] ٢ نواله، المتعلق بذيول كرمه في مضمون سؤاله، المرمَّى ببره العظيم المعدي بمنه الجسيم لم٣ يقبح عنده التوسع باسم الابن عن العبد.

فإن تأوّل النصارى البنوة والأبوة بهذا التأويل وإلاّ فضحتهم التوراة والنبوات والإنجيل فقد حكوا عن التوراة قول الله: "إسرائيل ابني بكري"، وفي المزامير يقول داود لأكابر بني إسرائيل: "أنا قلت لكم إنكم آلهة وبنو / (١/٨٦/أ) العلا كلكم تدعون"٤.

ولا خلاف أن الإنجيل من فاتحته إلى خاتمته لم يخصص المسيح بهذه البنوة، بل شارك فيها غيره من الصحلحاء والأتقياء من عباد الله وأوليائه، ومن أنصف من النصارى عرف صحة ما قلناه فقد قال يوحنا في إنجيله: "إن يسوع كان مزمعاً أن يجمع أبناء الله"٥. فهذا يوحنا التلميذ يذكر أن سائر بني إسرائيل يسمون بهذا الاسم ويذكر أن المسيح رام جمع الناس على كلمة الإيمان فلم يقدر على ذلك.


١ هضم فلاناً: ظلمه، وغصبه. كاهتضمه وتضهمه. فهو هضيم. (ر: القاموس ص١٥١١) .
٢ في الأصل: (لاستمطار) ، وأظنه تحريف من الناسخ لكلمة: (لاستمطار) وهو ما أثبته لموافقته سياق الكلام. والله أعلم.
٣ في ش: جواب لما.
٤ مزمور ٨٢/٦.
٥ يوحنا ١١/٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>