للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءهم وكلمهم، وقال لهم: اذهبوا فعمدواكلّ الأمم وعلموهم ما أصيكم به وهوذا أنا معكم إلى انقضاء١ الدهر٢.

قال المؤلِّف - عفا الله عنه -: أوّل ما نفاتح النصارى أن نقول: ما ادعيتموه من قتل المسيح وصلبه أتنقلونه تواتراً أو آحاداً؟.

فإن زعموا أنهم ينقلونه نقل الآحاد لم تقم بذلك حجة ولم يثبت العلم الضروري، إذ الآحاد لا يؤمن عليهم السهو والغفلة والتواطؤ على الكذب، وإذا كان الآحاد يعرض [لهم] ٣ ذلك فلا يحتج بهم في القطعيات٤.


١ نصّ المؤلِّف مقتبس من إنجيل متى ٢٨/١٧-٢٠، وأشار إليه مرقس ١٦/١٤، ١٥، ولوقا /٣٦، ٢٤-٤٧.
٢ وبعد هذه التعليقات المختصرة ما ذكر في الباب السابق في بيان ما في الأناجيل من التناقضات وخصوصاً في حادثة الصلب المزعومة نخلص إلى النتيجة التي توصل إليه ول ديورانت حيث يقول: "وملاك القول أن ثمة تناقضاً بين بعض الأناجيل والبعض الآخر، وأن فيها نقطاً تاريخية مشكوك في صحتها، وكثيراً من القصص الباعثة على الريبة والشبهة بما يروي عن آلهة الوثنيين، وكثيراً من الحوادث التي يبدو أنها وضعت عن قصد لإثبات وقوع كثير من النبوءات الواردة في العهد القديم، وفقرات كثيرة، ربما كان المقصود منها تقدير أساس تاريخي لعقيدة متأخرة من عقائد الكنيسة أو طقس متأخر من طقوسها ... ، ويبدو أن ما تنقله الأناجيل من أحاديث وخطب قد تعرضت لما تتعرض له ذاكرة الأميين من ضعف وعيوب ولما يرتكبه النساخ من أخطاء أو تصحيح".اهـ. (ر: قصة الحضارة ١١/٢١٠، بتصرف يسير) . فهذه شهادة عالم من علمائهم واعتراف منه بوقوع التحريف بالزيادة والنقصان في أناجيلهم.
٣ إضافة يقتضيها السياق.
٤ يعلّق الإمام القرافي على قصة الصلب في الأناجيل بقوله: "فإنه لو وقع الصلب ونقل بأخبار الآحاد لم يحصل لنا علم بالصلب؛ لأن المتواترات إذ نقلت بأخبار الآحاد سقط اعتبارها في إفادة لاعلم لجواز كذب الناقل فلا يكون عدد التواتر حاصلاً في نفس الأمر". اهـ. (ر: الأجوبة الفاخرة ص ٥٣) .
ويقول الإمام ابن القيم في مختصر الصواعق ص ٥٧١: "خبر الواحد بحسب الدليل الدال عليه، فتارة يجزم بكذبه لقيام دليل كذبه، وتارة يظن كذبه إذا كان دليل كذبه ظنياً، وتارة يتوقف فيه فلا يترجح صدقه ولا كذبه إذا لم يقم دليل أحدهما، وتارة يترجح صدقه ولا يجزم به، وتارة بصدقه جزماً لا يبقى معه شك.
فليس خبر كلّ واحد يفيد العلم ولا الظن، ولا يجوز أن ينفى عن خبر الواحد مطلقاً أنه يحصل العلم فلا وجه لإقامة الدليل على أن خبر الواحد لا يفيد العلم وإلاّ اجتمع النقيضان". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>