للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: لأن طبيعة اللاهوت تركبت مع طبيعة الناسوت كما تركبت نفس الإنسان بجسده فصار إنساناً واحداً فكذلك المسيح. فالمسيح عندهم إله كلّه وإنسان كلّه وله طبيعة واحدة. / (٢/١٧/أ) وهو يفعل بها ما يشبه أفعال الإله وما يشبه أفعال الإنسان وهو [أقنوم] واحد، [والأقنوم] ١ هو الشخص، والأقانيم هي: الأشخاص. ومجرد حكاية هذا المذهب يكفي في الرّدّ عليه؛ إذ حاصله أنّ الإله هو الإنسان والإنسان هو الإله.

وسبيل الرّدّ على هذه الفرقة:

أن يقول لهم: أخبرونا عن هاتين الطبيعتين اللتين أصارهما الاتّحاد طبيعة واحدة، هل تغيرت كلّ واحدة عما كانت عليه قبل التركيب أم لا؟

فإن زعمت أنهما لم يتغيرا بل بقيت طبيعة الإله بحالها وطبيعة الإنسان أيضاً بحالها؛ فقد نقضوا مذهبهم ورجعوا عن قولهم إلى قول من يقول: إن المسيح بعد الاتّحاد كَهُوَ قبل الاتّحاد. وسيأتي الكلام عليه.


١ الأقانيم: الأصول، واحدها: أقنوم. وأحسبها رومية. كذا في الصحيح للجوهري ٥/٢٠١٦. وفي المعجم الفلسفي (ص ١٩) : أنّ الأقنوم لغة: الأصل. واصطلاحاً:
أ- عند أفلوطين: أحد مبادئ العالم الثلاثة: الأولى وهي: الواحد، والعقل، والنفس الكلية.
ب- في اللاهوت المسيحي: أحد الأقانيم الثلاثة وهي: الأب والابن والروح القدس.
ويقول د. محمّد البهي في كتابه: (الجانب الإلهي ص ١١٣) : "تسمية هذه الأمور بالأقانيم أو الأصول يرجع إلى أثر الفلسفة الإغريقية في تفلسف المسيحية. وتحديدها بثلاثة؛ يرجع إلى المصدر نفسه أيضاً. لأن ما نراه في المسيحية على هذا الوجه يذكرنا - بـ: (مثل) أفلاطون. فقد جعلها أصول هذا (الوجود) المشاهد واغتبره ظلاًّ لها وشبيهاً بها فقط. كما يذكرنا بثالوث أفلوطين المصري، الذي يتمثل في الواحد، والعقل، ونفس العالم. ولو فتشنا على الألفاظ الدالة على هذه المعاني الثلاثة في المصدر النّصّي للمسيحية وجدناها: الله، كلمة الله، الروح القدس". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>