للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك تكذيب لهذه الأمانة، وردٌّ على من عقدها؛ فإنها تقول: إنه إله، وإنه أتقن العالم بيده وخلق كلّ شيء. وهذا جبريل يخبر عن الله أنه ولد من الناس وأن والده داود، وهذا المسيح يخبر عن نفسه بما سطرناه، فلا التفات بعدها للمحال المضمَّن في هذه الأمانة، التي هي في الحقيقة فساد الأمانة.

وقد قال داود في المزامير: "إن المسيح رجل قد فاق الناس جمالاً"١. وشبَّهه برجل / (٢/٣٩/أ) كاهن، كان في زمن إبراهيم الخليل خادماً للبيت المقدس، فقال في مزموره: "يا مسيح أقسم الرّبّ إنك أنت الكاهن المؤيّد يشبه ملك الصادق"٢.

فما بال داود لم يقل إن المسيح هو الإله الحقّ الذي أتقن بيده العالم وخلق كلّ شيء، وإنه المولود من الله قبل الدهور، كما هذوا به الأمانة التي لهم؟!.

وكيف يقول نبي الله داود إن المسيح رجل من الآدميين، يشبه كاهناً من الكهان؟! ويقول أصحاب الأمانة: كلا، ولكنه الإله الذي خلق الكاهن ملكي صادق وغيره.

فإن قالوا: قد خبر جبريل مريم حين بشرها بأن الرّبّ معها، فقال لها: "مريم ربنا معك".

قلنا: ليس كم ذهبتم إليه. وإنما أراد بالمعية ها هنا المعاضدة والمؤازرة وحسن الإرفاق والتعهد بالمعونة. والدليل عليه قول الله في التوراة لموسى: "اذهب برسالتي إلى فرعون، وأنا أكون معك، وراقبا للسانك"٣. وقال ليوشع بعد وفاة موسى: "أنا أكون معك كما كنت مع عبدي موسى"٤.


١ مزمور ٤٥/٢.
٢ مزمور ١١٠/٤.
٣ خروج ٤/١٢
٤. يشوع ١/٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>