للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يليق بالحكيم سبحانه. فالتزموا ردّ ما جاء من الناسخ بعد موسى عليه السلام. و١ إنكار شرع من كان قبله من شرائع الأنبياء فالتزموه. وقالوا: ليس قبل موسى نبيّ أصلاً. فردّوا نبوة شيث وإدريس ونوح وإبراهيم ولوط وغيره. وقالوا: أوّل الأنبياء موسى بن عمران عليه السلام. وزعموا أن الأنبياء أربعة و [عشرون] ٢ نبيّاً أوّلهم موسى٣.

فيقال لهم: إذا كان إنما مستندكم تعاقل العقلاء وتعارفهم وقياس الغائب على الشاهد، فاعلموا أن السيد قد يأمر عبده في وقت بفعل وينهاه عنه في وقت آخر. لعلمه بمصلحته في إيقاع الفعل وتركه في الوقتين جميعاً. وكذلك الوالد قد يأمر ولده في أوّل نشوئه بتحصيل الفضائل، فإذا بلغ مبالغ الرجال واحتاج إلى ما لا بُدَّ له منه أمره بالكسب، ونهاه٤ عما كان يأمره به أوّلاً لعلمه


١ في ص م (وليفهم إنكار) ولعل حذف كلمة (ليفهم) موافق لسياق الكلام.
٢ في ص م: (عشرين) والصواب ما أثبتّه.
٣ يحتل موسى عليه السلام مكان الصدارة بين الأنبياء عند اليهود. ويقولون: إن كلّ معجزة لنبي جاء بعده - وهو على دين موسى ويدعو إليه - فهي كالمعجزة له. ويقول موسى بن ميمون في الأصل السابع من (الأصول الثلاثة عشر) التي جعلها ابن ميمون أركان الإيمان اليهودي: "أنا أؤمن إيماناً كاملاً بأن نبوة سيدنا موسى عليه السلام كانت حقّاً، وأنه كان أباً للأنبياء، من جاء منهم قبله، ومن جاء بعده". (ر: الفكر الديني اليهودي ص ١٣٤ د. ظاظا) ويبدو تأثر علامة اليهود في العصور الوسطى الإسلامية ابن ميمون طبيب الدولة الأيوبية - يبدو تأثره واضحاً بالعقائد الإسلامية في الأصول التي وضعها. ففي النّصّ السابق الاعتراف بنبوة الأنبياء السابقين على موسى عليه السلام مع أن التراث اليهودي يعتبرهم مجرد آباء للشعب الإسرائيلي.
٤ ليست في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>