للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٢- فضيحة أخرى: الروم من النصارى / (٢/٦٩/ب) على كثرة طوائفها لا يرون وجوب الاستنجاء، فيبول أحدهم ويغوط ويقوم من فوره إلى مصلاه وهو متضمخ ببوله١. وذلك مما أحدثوه بعد المسيح. وإلاّ فشرائع الأنبياء عليهم السلام قد وردت أن العبد لا يقوم إلى الصلاة إلاّ وهو على أكمل أحواله. فيجتمع لهم في الصلاة بأمور] ٢ قبيحة منها: أن يقوموا بغير طهارة. ومنها: استدبارهم٣ قبلة المسيح التي كان يصلي إليها. ومنها: دعواهم وتضرعهم إلى رجل من بني آدم أن يغفر لهم خطاياهم، ويكفر عنهم سيّئاتهم. وربما سألوه


١ قال ابن القيم: "إن النصراني يقوم من على بطن المرأة يبول ويتغوط ولا يمس ماء ولا يستجمر. والبول والنجو ينحدر على ساقه وفخذه ويصلي كذلك. وصلاته صحيحة تامة عنده. ولو تغوط وبال وهو يصلي لم يضره؛ فضلاً عن أن يفسو أو يضرط. ويقولون: إن الصلاة بالجنابة والبول والغائط أفضل من الصلاة بالطهارة؛ لأنها حينئذٍ أبعد من صلاة المسلمين واليهود وأقرب إلى مخالفة الأمتين". (ر: هداية الحياري ص ٢٦٣، إغاثة اللهفان ص ٦١٦) .
ومما معلوم أن الطهارة في الديانتين: الإسلامية واليهودية تعتبر شرطاً أساسياً في صحّة الصلاة وقبولها. بعكس النصرانية التي تعتبر الطهارة الجسمية أموراً رمزية ثانوية لا قيمة لها أساساً. وهذا من التحريف الذي أحدثه النصارى في دينهم قطعاً. حيث إن الطهارة لأداء الصلاة وردت به شرائع الأنبياء جميعاً. وقد تطرف القساوسة والرُّهبان في العصور الوسطى إلى حد اعتبار القذارة من وسائل التقرب إلى الله. وأن النظافة من عمل الشيطان. فكان أزهدهم وأتقاهم أبعدهم عن الطهارة وأوغلهم في النجاسات. حيث يقول الراهب أتهينس: "إن الراهب أنتوني لم يقترف إثم غسل الرجلين طول عمره. وكان الراهب أبراهام لم يمس وجهه ولا رجله الماء خمسين سنة. وقد أبت العذراء سلفياً أن تغسل جزءاً من جسدها عدا أصابعها. وكان في أحد الأديرة النسائية (١٣٠) راهبة لم تستحم واحدة منهم قط أو تغسل قدميها، إلاّ أن الرهبان مالوا إلى استخدام الماء في آخر القرن الرابع، وسَخِر الأب إسكندر من هذا الانحطاط. فأخذ يحن إلى تلك الأيام التي لم يكن فيها الرهبان يغسلون وجوههم قط. (للتوسع ر: قصة الحضارة ١٢/١٢١-١٢٣، تاريخ أخلاق أوروبا الجزء الرابع، كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص ١٦٨، ١٦٩. لأبي الحسن الندوي) .
٢ في ص، م (أمورا) والصواب ما أثبتّه.
٣ في م: استدبارها.

<<  <  ج: ص:  >  >>