ومما معلوم أن الطهارة في الديانتين: الإسلامية واليهودية تعتبر شرطاً أساسياً في صحّة الصلاة وقبولها. بعكس النصرانية التي تعتبر الطهارة الجسمية أموراً رمزية ثانوية لا قيمة لها أساساً. وهذا من التحريف الذي أحدثه النصارى في دينهم قطعاً. حيث إن الطهارة لأداء الصلاة وردت به شرائع الأنبياء جميعاً. وقد تطرف القساوسة والرُّهبان في العصور الوسطى إلى حد اعتبار القذارة من وسائل التقرب إلى الله. وأن النظافة من عمل الشيطان. فكان أزهدهم وأتقاهم أبعدهم عن الطهارة وأوغلهم في النجاسات. حيث يقول الراهب أتهينس: "إن الراهب أنتوني لم يقترف إثم غسل الرجلين طول عمره. وكان الراهب أبراهام لم يمس وجهه ولا رجله الماء خمسين سنة. وقد أبت العذراء سلفياً أن تغسل جزءاً من جسدها عدا أصابعها. وكان في أحد الأديرة النسائية (١٣٠) راهبة لم تستحم واحدة منهم قط أو تغسل قدميها، إلاّ أن الرهبان مالوا إلى استخدام الماء في آخر القرن الرابع، وسَخِر الأب إسكندر من هذا الانحطاط. فأخذ يحن إلى تلك الأيام التي لم يكن فيها الرهبان يغسلون وجوههم قط. (للتوسع ر: قصة الحضارة ١٢/١٢١-١٢٣، تاريخ أخلاق أوروبا الجزء الرابع، كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص ١٦٨، ١٦٩. لأبي الحسن الندوي) . ٢ في ص، م (أمورا) والصواب ما أثبتّه. ٣ في م: استدبارها.