للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بأحكام ما أنزل الله بها من سلطان١. قال أبو الطّاهر بن عوف رحمه الله: وليس يشتمل ديوان فقه النصارى على أكثر من خمسمائة مسألة ونيف وليست مأخوذة عن المسيح.

٨٠– فضيحة أخرى: زعم النصارى أن يوحنا أحد مدوّني الإنجيل جلس بأفسس٢ بلدة من بلاد الروم يكتب إنجيله فوقع مطر محى بعض ما كتب فغضب يوحنا ورفع وجهه إلى السماء وقال: أما تستتحيي أن تمحو اسم ابن إلهك، قالت النصارى: فلم تمطر تلك القرية من بين سائر البلاد٣.

ليت شعري ما طريق تصحيح هذه الدعوى، وهل البلدة اليوم تمطر أم لا؟ وإن كانت قد محلت فهل كان ذلك بسبب غضب يوحنا على ربّه وتخطئته


١ لا عجب إن كانت النصرانية المحرفة من أفقر الديانات تشريعاً وأحكاماً فإن المسيح عليه السلام لم يأتِ بشريعة جديدة. وإنما كان متبعاً لشريعة بني إسرائيل. وقد كانت دعوته لإصلاح وهداية بني إسرائيل الذين ضلوا ولتخفيف بعض الأحكام عليهم. قال تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام قال: {وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} . [سورة آل عمران، الآية: ٥٠-٥١] . وقال المسيح في إنجيل متى ٥/١٧: "لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل". لذلك كانت الأحكام الواردة في الأناجيل محصورة في أمور محددة في الخطبة التي ألقاها المسيح على الجبل وعرفت بخطبة أو وصية الجبل. (ر: الإصحاحات ٥، ٦، ٧. من إنجيل متى) - وإن كنا لا نسلم بصحّة نسبة جميع ما ورد في الخطبة إلى المسيح - وعندما حرّف النصارى دعوة المسيح عليه السلام فإنهم ابتدعوا عقائد جديدة وعبادات وطقوساً كنسية خالفوا بها شريعة التوراة وتحكموا فيها من خلال المجامع التي يقعدها قساوستهم فيحلون ويحرمون، ويشرعون بما شاؤوا مصداقاً لقول الله تعالى فيهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ..} . [سورة التوبة، الآية: ٣١] .
٢ أفسس: كلمة يونانية معناها: (المرغوبة) .وهي مدينة قديمة في آسيا الصغرى على بحر إيحة بتركيا. ويحسب الروايات النصرانية فإن يوحنا قام فيها في السنوات الأخيرة في حياته. كما وجه إليها بولس إحدى رسائله. وعقد فيها المجمع المسكوني الثالث عام ٤٣١م. (ر: قاموس ص ٩٢، ٩٣، المنجد في الأعلام ص ٥٤) .
٣ لقد زرت مدينة أفسس في شتاء عام ١٤٠٧هـ الموافق ١٩٨٧م. وكان المطر يهطل فيها بغزارة، وقد وقفت أيضاً في هذه المدينة على قبر يزعمون أن الحواري يوحنا قد دفن فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>